في مشهد تختلط فيه دموع الحزن على الفقد بدعوات الرضا بالقصاص العادل، أُسدل الستار اليوم الخميس على واحدة من أبشع الجرائم التي هزت الرأي العام، حيث تم تنفيذ حكم القتل قصاصًا في الجاني الذي أقدم على قتل الدكتور عبدالملك بن بكر قاضي، في جريمة وقعت عشية عيد الأضحى المبارك.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
وبعد مرور أقل من شهرين على هذه الفاجعة، استقبلت زوجة المغدور نبأ تنفيذ الحكم بمزيج من الأسى على فراق شريك حياتها، والرضا بأن العدالة الإلهية قد أنصفتها، في قصة مأساوية كشفت عن تفاصيل مؤلمة وبطولة إنسانية نادرة.
وتعود فصول هذه القصة إلى علاقة عابرة لم تتجاوز الدقائق، حين تعرفت الأسرة على الجاني الذي كان يعمل في ركن للأسماك بأحد المتاجر القريبة من منزلهم، حيث طلبت منه الزوجة في مرة وحيدة توصيل طلب إلى المنزل، ليكون ذلك هو اللقاء الأول الذي جمعه بالدكتور عبدالملك.
وقد طلب الدكتور حينها من زوجته أن تمنح العامل مبلغًا إضافيًا كإكرامية، في لفتة إنسانية لم يكن يعلم أنها ستكون بداية لخيط الجريمة، فبعد يومين فقط، تلقّت الزوجة رسالة عبر "واتساب" من الجاني يطلب فيها مساعدة مالية، وعندما اعتذرت، أثار رده المقتضب والمريب شكوكها.
وفي صباح يوم الجريمة، حضر الجاني إلى المبنى السكني، مدعيًا أنه يحمل طلب توصيل، وعندما فتحت الزوجة الباب بحذر، ظنًا منها أنها قد تكون هدية بمناسبة العيد، باغتها الجاني واندفع بقوة إلى الداخل، ليبدأ فصلاً من الرعب والوحشية.
لقد قام الجاني بكتم أنفاس الزوجة، وسدد لها عدة طعنات في الرأس، في مشهد دفع الدكتور عبدالملك، الذي كان قعيدًا على كرسي متحرك، إلى محاولة بطولية لإنقاذ زوجته، ليتلقى هو النصيب الأكبر من الطعنات الغادرة التي بلغت ثلاث عشرة طعنة.
وفي خضم هذا المشهد المرعب، ورغم الألم والجراح، توسل الدكتور عبدالملك إلى زوجته أن تعطي الجاني ما يطلبه من مال، في محاولة أخيرة منه لإنقاذ حياتها، وهو ما فعلته الزوجة بالفعل، لكن ذلك لم يكن كافيًا لإيقاف وحشية القاتل.
فقبل أن يغادر مسرح الجريمة، وبعد أن حصل على المال، عاد الجاني ليوجه طعنة أخيرة غادرة للدكتور عبدالملك، الذي كان يطلب منه المساعدة، في مشهد يعكس تجرده من كل معاني الإنسانية والرحمة، ليفر بعدها هاربًا تاركًا سلاح الجريمة خلفه.
وبينما كانت الزوجة، التي لم تكن تعلم حينها بوفاة زوجها، تسارع لإبلاغ أمن المبنى، كانت الجهات الأمنية قد بدأت بالفعل في التحرك، لتتمكن بفضل من الله من القبض على الجاني في وقت قياسي، وتقديمه للعدالة.
وقد مرت إجراءات التقاضي بسرعة لافتة، نظرًا لوضوح الجريمة واكتمال أركانها، ليصدر الحكم الشرعي بقتل الجاني قصاصًا، ويتم تأييده من محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا، ويصدر الأمر الملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا.
واليوم، ومع تنفيذ حكم القصاص، عبرت زوجة المغدور عن رضاها التام بحكم الشرع، مؤكدة أن العدالة قد تحققت، لكنها في الوقت ذاته، وفي لفتة إنسانية نبيلة، لم تخف تعاطفها مع أسرة الجاني على ما أصابهم، رغم حجم الألم الذي تعيشه.
إن هذه القضية، بكل ما حملته من ألم وفاجعة، قد أظهرت في المقابل بطولة زوج مقعد، وكفاءة أمنية عالية، وسرعة في تحقيق العدالة الناجزة، لتغلق بذلك ملف واحدة من أبشع الجرائم، وتبقى عبرة لكل من تسول له نفسه ترويع الآمنين.