في أجواء روحانية فريدة، حيث يتلاقى عبق التاريخ مع نور العلم، تفتح كلية المسجد النبوي أبوابها من جديد لطلاب العلم، معلنة عن انطلاق التسجيل يوم السبت في "الدورة التأصيلية الثالثة"، والتي تعد إحدى أبرز محطات البرنامج التعليمي للكلية.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
وتمثل هذه الدورة، التي تأتي ضمن سلسلة متكاملة من الدورات العلمية، فرصة ثمينة للراغبين في تأصيل معارفهم في العلوم الشرعية، والغوص في أعماق المتون العلمية المعتبرة، تحت إشراف نخبة من المشايخ والأساتذة المتخصصين.
إن إقامة مثل هذه الدورات في رحاب المسجد النبوي الشريف، يضفي عليها قيمة مضافة، حيث ينهل المشاركون من العلم في مكان له قدسيته وروحانيته، مما يجعل من تجربة التعلم رحلة إيمانية وعقلية متكاملة، لا تقتصر فقط على تلقي المعلومات.
وقد تم اختيار المواد العلمية لهذه الدورة بعناية فائقة، لتغطي جوانب مختلفة من العلوم الشرعية، وتمنح المشارك أساسًا متينًا، حيث تشمل دراسة الجزء الثاني من كتاب "الورقات" في علم أصول الفقه، وهو متن أساسي في هذا الفن لا يستغني عنه طالب علم.
كما تتضمن الدورة دراسة كتاب "أصول التفسير" للعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والذي يعد مدخلاً هامًا لفهم قواعد تفسير كتاب الله، بالإضافة إلى دراسة "مختصر الشمائل المحمدية"، للتعرف على صفات النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه.
ولأن اللغة هي مفتاح فهم العلوم، فقد تم إدراج مادة "زبدة البلاغة" في علم البلاغة، لتكتمل بذلك المنظومة المعرفية التي تقدمها الدورة، والتي تهدف إلى بناء طالب علم متكامل، يمتلك الأدوات اللازمة لفهم النصوص الشرعية.
وتتميز الدورة ببرنامجها المكثف، حيث يتم تقديم ثماني ساعات تدريبية لكل مادة، وتوزع المحاضرات على مدار أربعة أيام في الأسبوع، من الأحد إلى الأربعاء، مما يتطلب من المشاركين جدية والتزامًا كاملين لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
وقد بدأت عملية التسجيل في الدورة بالفعل منذ اليوم، وتتم بالكامل عبر منصة كلية المسجد النبوي الإلكترونية، في آلية سهلة وميسرة تتيح للراغبين من مختلف أنحاء العالم فرصة الالتحاق بهذه الدورة المباركة، دون الحاجة إلى الحضور الشخصي للتسجيل.
وستنطلق فعاليات الدورة الفعلية في اليوم الثاني من شهر صفر المقبل، لتستمر على مدى أربعة وعشرين يومًا، حتى السادس والعشرين من الشهر ذاته، في فترة ستكون حافلة بالعلم والفائدة، والمدارسة والمذاكرة في أروقة المسجد النبوي.
وفي نهاية هذه الرحلة العلمية، سيتم منح كل مشارك يكمل متطلبات الدورة بنجاح، شهادة حضور معتمدة من كلية المسجد النبوي، لتكون توثيقًا لهذا الجهد، ودافعًا له لمواصلة مسيرته في طلب العلم الشرعي.
إن هذه الجهود التي تبذلها كلية المسجد النبوي، تأتي في إطار دورها التاريخي كمنارة للعلم والهدى، وحرصها على مواصلة رسالة المسجد النبوي في نشر العلم الشرعي الصحيح، وتأهيل جيل جديد من طلبة العلم المتمكنين.
وتعكس هذه الدورات المتتابعة، حجم الإقبال الكبير على دراسة العلوم الشرعية، ورغبة الشباب المسلم في العودة إلى المنابع الصافية لدينهم، وفهم نصوصه وقواعده على أسس علمية رصينة، وهو ما توفره هذه البرامج النوعية.
إن الاستثمار في بناء العقول وتأصيل العلوم، هو أحد أهم أشكال الاستثمار في مستقبل الأمة، وهو ما تدركه وكالة شؤون المسجد النبوي، التي لا تألو جهدًا في دعم مثل هذه المبادرات التعليمية، وتوفير كافة الإمكانيات لنجاحها.
في المحصلة النهائية، لم تعد هذه الدورة مجرد فرصة لطلب العلم، بل هي دعوة مفتوحة لتجربة تعليمية فريدة، تمزج بين عمق المادة العلمية، وقدسية المكان، وروحانية الزمان، لتكون بذلك محطة فارقة في حياة كل من يشارك فيها.
