الطب الجينومي
حقنة واحدة كافية.. تكنولوجيا جديدة تنهي معاناة مرضى الذئبة الحمراء والربو
كتب بواسطة: فادية حكيم |

في رؤية طبية تبدو وكأنها خرجت من صفحات روايات الخيال العلمي، كشف طبيب القلب الأمريكي وأحد أبرز رواد الطب الجينومي الدكتور إريك توبول عن ابتكار ثوري قد يغير شكل العلاج في المستقبل القريب، إذ يقوم على برمجة الجهاز المناعي ليصبح هو نفسه الدواء القادر على مهاجمة الأمراض المستعصية بدقة وفاعلية.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

ووفق ما نقلته صحيفة نيويورك بوست، عرض توبول في كتابه "المُعمّرون الشباب" تصورًا جريئًا يعتمد على إعادة برمجة الخلايا المناعية لتتحول إلى وحدات هجومية ذكية يمكنها التعرف على الخلايا السرطانية أو الضارة وتدميرها دون المساس بالخلايا السليمة، واصفًا هذه الخلايا المعدلة بأنها أشبه بـ "أدوية حية" تنمو وتتكيف داخل الجسم.

تعتمد التقنية على استخلاص الخلايا التائية من دم المريض ثم تعديلها جينيًا لتكتسب قدرات استهداف دقيقة للأمراض، ما يجعلها قادرة على القضاء على الخلل من جذوره بدلًا من الاكتفاء بعلاج الأعراض أو الحد من المضاعفات.

وقد أثبتت التجارب الأولية نجاحًا لافتًا، إذ تمكنت حقنة واحدة من علاج مرضى الذئبة الحمراء دون الحاجة إلى الاستمرار في تناول الأدوية المثبطة للمناعة، كما أظهرت فاعلية واضحة في حالات الربو المزمن والتصلب المتعدد والتليف القلبي، وهو ما اعتبره العلماء قفزة نوعية في التعامل مع هذه الحالات.

الميزة الأبرز في هذه الطريقة أنها توقف الهجمات المناعية الموجهة التي تدمر أنسجة الجسم في أمراض المناعة الذاتية، وفي الوقت نفسه تحافظ على قدرة الجهاز المناعي على مقاومة العدوى، مما يحافظ على خط الدفاع الأول للجسم دون أي تعطيل.

ويصف الباحثون هذا الأسلوب بأنه بمثابة "إعادة تشغيل" للجهاز المناعي، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية التعامل مع أمراض الشيخوخة بشكل مختلف، وربما إطالة العمر الصحي للإنسان من خلال تعزيز قدرات الجسم على التصدي للخلل الخلوي.

ويرى الخبراء أن مثل هذه التقنيات لن تكون حكرًا على الدول الغربية فقط، فالسعودية والإمارات تمتلكان بالفعل مراكز متقدمة للبحوث الجينومية والطب الدقيق، ما قد يجعل دخول هذه العلاجات حيز التنفيذ في مستشفيات كبرى مثل تلك الموجودة في الرياض ونيوم وجدة أمرًا واقعيًا في المستقبل القريب.

البنية التحتية الطبية المتطورة في المنطقة، إضافة إلى الاستثمارات الكبيرة في مجالات التكنولوجيا الحيوية، تجعل من تبني هذه العلاجات أو حتى المشاركة في تطويرها خطوة منطقية، وهو ما قد يضع المنطقة في طليعة الدول التي تقدم حلولًا مبتكرة لأمراض لطالما صنفت على أنها مستعصية.

ويراهن العلماء على أن التطور في مجال الهندسة الجينية سيجعل هذا النوع من العلاجات أكثر أمانًا وأقل تكلفة بمرور الوقت، مما يتيح توسيع نطاق الاستفادة ليشمل شرائح أكبر من المرضى حول العالم.

كما يتوقع أن تمثل هذه المقاربة بداية لعصر جديد من الطب الشخصي، حيث يتم تصميم العلاج بناءً على البصمة الجينية لكل مريض، مما يرفع نسب النجاح ويقلل من الآثار الجانبية إلى أدنى حد ممكن.

وفي حال اعتماد هذه التقنية على نطاق واسع، فإنها قد تغير تمامًا من طريقة تعامل الأطباء مع أمراض المناعة الذاتية والسرطان وحتى بعض أمراض القلب، لتصبح الخلايا المعدلة هي السلاح الأول في مواجهة هذه التحديات الصحية.

الطموحات المرتبطة بهذه التقنية لا تقتصر على العلاج فحسب، بل تمتد إلى الوقاية من الأمراض قبل ظهورها من خلال تعزيز المناعة بشكل موجه ودقيق، وهو ما يضع العالم أمام ثورة طبية حقيقية في السنوات المقبلة.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار