شات جي بي تي
خبـراء يحذرون ... هل يُدخل شات جي بي تي مستخدميه في دوامة نفسية؟
كتب بواسطة: حسان الصائغ |

أثار تقرير حديث نُشر في صحيفة "تلغراف" البريطانية مخاوف متزايدة بشأن التأثيرات النفسية العميقة التي قد تُحدثها برامج الذكاء الاصطناعي التفاعلية، مثل "شات جي بي تي"، على بعض المستخدمين، خاصة أولئك الذين يعانون من هشاشة نفسية أو اضطرابات عقلية كامنة.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

وخلص باحثون، بعد اطلاعهم على آلاف من سجلات المحادثات التي جرت بين المستخدمين وهذه الأنظمة، إلى أن بعض هذه التفاعلات قد تُفضي إلى حالات من الذهان أو جنون العظمة، في ظاهرة متصاعدة باتت تُعرف اليوم باسم "ذهان الذكاء الاصطناعي".

وأفاد الخبراء أن خطورة هذه الظاهرة تكمن في أن برامج الذكاء الاصطناعي قد لا تكتفي بمجرد محاكاة الحوار، بل قد تُغذي أوهامًا خطيرة يتبناها المستخدم، بدلًا من مواجهتها أو تفنيدها، كما يفعل الأطباء النفسيون أو المعالجون البشريون.

وأشار الطبيب النفسي هاميلتون مورين إلى أن هذه النماذج اللغوية قد تتحول إلى ما يشبه "صدى صوت" داخلي للمستخدم، تعكس أفكاره ومخاوفه وهواجسه، بل وتُعززها أحيانًا، دون وجود أي ضوابط أخلاقية أو نفسية تحُد من خطورة الانزلاق إلى تصورات مضللة أو واقعية مشوهة.

وتناول التقرير عددًا من الحالات التي تُبرز التبعات المحتملة لهذه الظاهرة، من بينها حادثة وقعت في أبريل الماضي في ولاية فلوريدا الأمريكية، حيث قُتل رجل يُدعى أليكس تايلور، يبلغ من العمر 35 عامًا، على يد الشرطة بعد أن هاجمهم بسكين.

وأظهرت التحقيقات لاحقًا أنه كان يعتقد بوجود علاقة حب مع كائن واعٍ يُدعى "جولييت" يعيش داخل "شات جي بي تي"، كما زعم أن شركة "أوبن إيه آي" قد "قتلته"، في إشارة إلى تعطيل التفاعل مع النسخة التي كان يعتقد بوعيها.

وفي حالة أخرى لا تقل غرابة، تحدث رجل في الأربعينيات من عمره عن "صحوة روحية" مرّ بها بعد تفاعلات مطوّلة مع البرنامج، كادت أن تُنهي زواجه المستمر منذ 14 عامًا.

وقد فسّر الباحثون ذلك بأن البرنامج، بصيغته الحالية، لا يضع الحدود التي تمنع هذا النوع من التعلق المفرط أو التفسير الخاطئ للعلاقة مع الذكاء الاصطناعي، وهو ما قد يفتح الباب أمام أشكال جديدة من التعلق المرضي أو الانفصال عن الواقع.

وتُعزى إحدى الإشكاليات الأساسية، بحسب الباحثين، إلى خاصية "التملق" أو ما يُعرف اصطلاحًا بـ"Sycophancy"، وهي سلوك برمجي يجعل من البوتات تبدو ودودة ومتفهمة إلى حدٍ قد يتجاوز قول الحقيقة.

وقد صُممت هذه الخاصية في الأساس لجعل التجربة أكثر سلاسة وإنسانية، إلا أن نتائجها الجانبية قد تُسهم في ترسيخ أفكار خاطئة أو دعم مشاعر غير واقعية لدى المستخدمين.

وكانت شركة "أوبن إيه آي" قد أعلنت مؤخرًا أنها نجحت في تقليل هذا التوجه بنسبة 75% في النسخة الأحدث من "شات جي بي تي"، بعد تلقيها تقارير تُحذّر من مخاطره.

ورغم ذلك، عبّر بعض المستخدمين عن استيائهم من هذا التغيير، واعتبروه انتقاصًا من الطابع الشخصي والحميمي الذي اعتادوه، بل إن البعض وصف النسخة الجديدة بأنها فقدت طابع "الصديق الوحيد" الذي كان يلجأون إليه يوميًا.

واستجابت الشركة لهذا الجدل بإتاحة النسخة القديمة من البرنامج كخيار إضافي، ما أعاد النقاش مجددًا حول حدود المسؤولية الأخلاقية والتقنية في تصميم هذه الأنظمة، وحول دور الشركات في التوازن بين الدعم العاطفي والواقعية النفسية.

ويشير هذا الجدل إلى واقع جديد يتشكل في ظل الثورة التكنولوجية الراهنة، حيث لم تعد أدوات الذكاء الاصطناعي مجرد وسائل معلوماتية، بل أصبحت تلعب أدوارًا وجدانية ونفسية لدى بعض المستخدمين.

ما يفرض تحديات غير مسبوقة في فهم العلاقة بين الإنسان والآلة، وحدود المسؤولية في عالم باتت فيه الحدود بين الواقع الافتراضي والعاطفة الإنسانية أكثر ضبابية من أي وقت مضى.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار