شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم مدعومة بمؤشرات واضحة على قوة الطلب وتراجع المخزونات الأمريكية، وهو ما منح الأسواق دفعة جديدة من الثقة، حيث يترقب المستثمرون باستمرار بيانات المخزون الأمريكي بوصفها أحد أهم المؤشرات التي تكشف حالة السوق واتجاهاته المستقبلية.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وسجل خام برنت القياسي مكاسب جديدة إذ ارتفع بنحو 13 سنتًا أي ما يعادل 0,19 بالمئة ليصل إلى 66,97 دولارًا للبرميل، وجاء هذا الارتفاع امتدادًا لمكاسب الجلسة السابقة التي بلغت 1,6 بالمئة، مما يعكس استمرار تحسن شهية المستثمرين وثقتهم في تعافي الطلب العالمي على النفط خلال الفترة المقبلة.
في الوقت نفسه صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 15 سنتًا أي ما نسبته 0,24 بالمئة ليستقر عند 62,86 دولارًا للبرميل، وذلك بعد ارتفاعه بنسبة 1,4 بالمئة في الجلسة الماضية، وهو ما يشير إلى أن السوق الأمريكي يتجه نحو مزيد من التحسن في استهلاك الوقود مع عودة النشاط الصناعي والتجاري بشكل تدريجي.
ويرى محللون أن الانخفاض المفاجئ في المخزونات الأمريكية يعد مؤشرًا قويًا على أن الطلب على الطاقة يسير في مسار صاعد، خاصة أن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أظهرت تراجعًا أكبر من التقديرات السابقة، وهو ما يعكس عودة الاستهلاك بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا.
وتكتسب بيانات المخزون الأمريكي أهميتها من كونها تقدم صورة مباشرة عن مستويات العرض والطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم، وبالتالي فإن أي انخفاض في هذه المخزونات غالبًا ما يُفسر على أنه دلالة إيجابية للسوق، مما يدفع الأسعار نحو الارتفاع ولو بشكل محدود.
كما يشير خبراء الطاقة إلى أن استمرار هذا الاتجاه قد يفتح الباب أمام موجة صعود جديدة إذا ما ترافقت المؤشرات الإيجابية مع التزام كبار المنتجين باتفاقات خفض الإنتاج، وهو ما يقلل احتمالية حدوث تخمة في المعروض يمكن أن تضغط على الأسعار في وقت لاحق.
ويعزو بعض المحللين قوة الطلب الحالي إلى انتعاش أنشطة السفر الداخلي وعودة الحركة على الطرق بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة، وهو ما يرفع مستويات استهلاك البنزين والديزل، في حين أن تحسن النشاط الصناعي يسهم بدوره في زيادة الطلب على الوقود بأنواعه المختلفة.
في المقابل يرى آخرون أن استمرار المخاطر المرتبطة بتقلبات الاقتصاد العالمي قد يشكل عامل ضغط على المدى المتوسط، خاصة في ظل التباين بين سرعة التعافي في بعض الاقتصادات الكبرى وتباطؤه في اقتصادات أخرى، وهو ما قد يحد من قدرة السوق على الحفاظ على مسار صاعد طويل الأمد.
لكن غالبية الخبراء يتفقون على أن العوامل الحالية تميل إلى صالح الأسعار، فالتراجع المستمر في المخزون يشير إلى أن السوق بدأ يستعيد توازنه تدريجيًا، كما أن برامج التحفيز الاقتصادي الضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا ترفع من احتمالات زيادة الطلب على الطاقة في النصف الثاني من العام.
ويرى المتابعون أن تحركات الأسعار الأخيرة تمثل انعكاسًا لثقة المستثمرين في أن السوق قادر على امتصاص أي زيادات محتملة في الإنتاج سواء من دول أوبك أو من المنتجين المستقلين، ما دام الطلب يواصل تسجيل مستويات قوية، وهو ما يبدد المخاوف من عودة سيناريو فائض المعروض.
كما أن تحسن المعنويات في أسواق المال العالمية ودعمها لقطاعات الطاقة يعطي النفط دفعة إضافية، حيث يربط المستثمرون عادة بين قوة النشاط الاقتصادي وبين زيادة الطلب على الطاقة، وبالتالي فإن أي إشارات على التعافي الاقتصادي تنعكس مباشرة على أسعار الخام.
من جانب آخر يراقب المستثمرون بدقة مواقف منظمة أوبك وحلفائها في ما يتعلق بخطط الإنتاج المقبلة، حيث من المتوقع أن يواصل التحالف التزامه بالاتفاقات الحالية مع إمكانية إدخال تعديلات طفيفة فقط، وذلك لضمان الحفاظ على التوازن ومنع أي هبوط مفاجئ في الأسعار.
ويرجح محللون أن أي استمرار في انخفاض المخزونات الأمريكية سيفتح المجال أمام خام برنت لتجاوز مستويات 67 دولارًا وربما اختبار حاجز 70 دولارًا خلال الأسابيع المقبلة، بينما قد يقترب خام غرب تكساس من مستوى 65 دولارًا إذا استمرت المؤشرات الإيجابية على نفس الوتيرة.
ومع ذلك يبقى الحذر قائمًا، فالعوامل الجيوسياسية والاضطرابات المحتملة في بعض مناطق الإنتاج قد تلعب دورًا مفاجئًا في تقلب الأسعار، غير أن الاتجاه العام حتى الآن يوحي بأن السوق يسير نحو مرحلة استقرار نسبي بدعم من تحسن الطلب وانخفاض المخزون وتفاؤل المستثمرين.