زراعة قلب
"معجزة إنسانية".. تعاون سعودي-إماراتي ينقذ حياة طفل بزرع قلب من متبرع في أبوظبي!
كتب بواسطة: احمد عادل |

نجح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض في تحقيق إنجاز طبي جديد تمثل في زراعة قلب لطفل سعودي يبلغ من العمر سبع سنوات، وذلك بعد استئصال القلب من متبرع متوفى دماغيًا في إمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام

حيث جرى التنسيق الكامل مع ذوي المتبرع والموافقة على التبرع بالعضو، كما أُنجزت كافة الإجراءات النظامية بين المركز السعودي لزراعة الأعضاء وبرنامج حياة للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية في الإمارات.

وجاءت هذه الخطوة ضمن سلسلة من التعاونات الطبية الإقليمية المتقدمة التي تعكس وحدة الجهود بين المؤسسات الصحية في البلدين، إذ بدأت العملية بانتزاع القلب من المتبرع ثم نقله عبر رحلة جوية سريعة إلى الرياض، لتجهيز غرفة العمليات خلال وقت قصير للغاية، في ظل حساسية التوقيت الذي يمثل عاملًا فارقًا في نجاح هذا النوع من العمليات الدقيقة.

الفريق الطبي في المستشفى تمكن من إنجاز عملية الزراعة بنجاح للطفل الذي كان يعاني من فشل قلبي متقدم ناجم عن عيب خلقي معقد، حيث استنفدت كافة الوسائل العلاجية الممكنة، من الأدوية والدعم التنفسي وصولًا إلى زراعة جهاز لتنظيم ضربات القلب، غير أن حالته الصحية لم تستجب لأي من تلك الخيارات ما استوجب إدراجه ضمن قائمة الحالات العاجلة لزراعة القلب.

ويؤكد المختصون أن الوقت يعد العامل الأكثر أهمية في مثل هذه العمليات، فالمعايير الطبية تنص على ضرورة ألا تتجاوز الفترة الزمنية بين استئصال القلب من المتبرع وزراعته لدى المريض خمس ساعات فقط، ما يجعل كل دقيقة تأخير بمثابة تهديد مباشر لنجاح العملية ويضاعف من صعوبة الترتيبات اللوجستية خصوصًا عندما يكون المتبرع في دولة أخرى.

هذا النجاح لم يكن محض إنجاز طبي فحسب، بل تجسيد لتعاون إنساني متواصل بين المملكة والإمارات، إذ عملت الفرق الطبية في كلا البلدين بتنسيق تام من أجل إنقاذ حياة طفل لم يعد أمامه أي خيار علاجي آخر، ما يعكس رسالة إنسانية عميقة تقوم على تسخير الإمكانات المشتركة لصالح الحالات الحرجة.

ويعتبر مستشفى الملك فيصل التخصصي من المراكز الرائدة عالميًا في مجال زراعة القلب، فقد سبق له أن سجل إنجازات غير مسبوقة، من بينها إجراء أول عملية زراعة قلب روبوتية بالكامل على مستوى العالم، وكذلك نجاحه في زراعة مضخة قلب اصطناعية باستخدام الروبوت دون الحاجة إلى شق الصدر، وهي إنجازات وضعت المملكة في موقع متقدم ضمن مصاف الدول المتخصصة في هذه الجراحات.

ولعل ما يميز هذا الإنجاز هو حجم التحديات التي واجهها الفريق الطبي، بدءًا من التنسيق مع ذوي المتبرع والإجراءات القانونية، مرورًا بعملية الاستئصال والنقل الجوي الدقيق، وصولًا إلى تجهيز غرفة العمليات في وقت قياسي، حيث توحدت الجهود لضمان ألا يتجاوز الزمن الحرج الفاصل بين الاستئصال والزراعة.

كما يوضح هذا النجاح القدرات الفائقة للمستشفى في إدارة أكثر العمليات تعقيدًا، إذ يتمتع المركز بخبرات متقدمة وتجهيزات طبية عالية التقنية تؤهله للتعامل مع الحالات المستعصية، وهو ما يجعل منه مقصدًا إقليميًا وعالميًا للمرضى الباحثين عن فرص علاج متقدمة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المستشفى يحظى باعتراف عالمي واسع، حيث صُنف الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والـ 15 عالميًا ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية على مستوى العالم لعام 2025، كما اعتُبر العلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والمنطقة وفق تصنيف براند فاينانس لعام 2024.

هذا الاعتراف العالمي لم يقتصر على الترتيب الأكاديمي، بل شمل أيضًا إدراج المستشفى ضمن قائمة أفضل المستشفيات الذكية في العالم لعام 2025 الصادرة عن مجلة نيوزويك، ما يبرز التزامه بالابتكار واستخدام أحدث التقنيات في مجال الرعاية الصحية.

وتتجسد أهمية هذا النجاح في أنه أعاد الأمل لأسرة الطفل التي عانت طويلًا من رحلة علاجية شاقة، إذ كانت كل محاولة علاجية تنتهي إلى طريق مسدود، حتى جاءت لحظة الزراعة لتفتح بابًا جديدًا للحياة بعد أن باتت الخيارات محدودة للغاية.

ولا شك أن هذه العملية تعكس أيضًا وعي المجتمع بأهمية ثقافة التبرع بالأعضاء، إذ لم يكن لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا قرار أسرة المتبرع في أبوظبي الذي مثّل أسمى صور العطاء الإنساني وأسهم بشكل مباشر في إنقاذ حياة إنسان آخر.

ويرى الأطباء أن تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء يعد من أهم الخطوات نحو إنقاذ مزيد من الأرواح، حيث تعاني مئات الحالات من انتظار متبرع يمنحها فرصة جديدة للحياة، وهو ما يجعل مثل هذه المبادرات الإنسانية محط تقدير محلي وإقليمي ودولي.

إن نجاح زراعة قلب لطفل سعودي عبر تعاون سعودي إماراتي يؤكد أن التقدم الطبي لا يقف عند حدود الدولة الواحدة، بل يتجاوزها إلى شراكات إنسانية أوسع، لتكون النتيجة إنقاذ حياة ثمينة ومنح أسرة كاملة بارقة أمل جديدة في مستقبل أفضل.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار