في قلب شمال المملكة، تشكّل محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية نموذجًا فريدًا في حفظ التنوع البيولوجي، بما تحتضنه من بيئات طبيعية وتضاريس متنوعة، جعلت منها إحدى أهم المحطات البيئية ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على مستوى المنطقة.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
وتؤكد البيانات الحديثة أن المحمية تُعد موئلًا رئيسًا لأكثر من 290 نوعًا من الطيور، ما بين طيور مقيمة وأخرى مهاجرة، ما يعكس الدور الاستثنائي الذي تلعبه في دعم الحياة الفطرية وتعزيز الاستقرار البيئي.
وتشير الإحصائيات إلى أن 88% من هذه الطيور من الأنواع المهاجرة التي تعبر الأجواء السعودية خلال فصلي الخريف والربيع، مستفيدة من موائل المحمية الفريدة وتنوعها البيئي، فيما يشكل المقيم منها 12%، مما يبرهن على ملاءمة الظروف البيئية داخل المحمية لتكاثر واستقرار هذه الكائنات.
ويُمثل هذا العدد نحو 58% من إجمالي الطيور المسجلة في المملكة، ما يعزز من مكانة المحمية باعتبارها ركيزة رئيسية في منظومة التنوع الحيوي الوطني.
وتكتسب أهمية هذه الأرقام أبعادًا أوسع بالنظر إلى أن المحمية تحتضن 26 نوعًا من الطيور المُدرجة على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، والتي تُصنّف كأنواع مهددة بالانقراض على المستوى العالمي.
ويأتي من أبرز هذه الطيور النادرة: عقاب السهول، والعقاب الملكي الشرقي، وطائر الحبارى، التي تتطلب جميعها عناية دقيقة لحماية موائلها الطبيعية ومصادر غذائها وتكاثرها.
وتولي هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية اهتمامًا خاصًا ببرامج الرصد البيئي ومراقبة الطيور بشكل دوري، ضمن استراتيجيات شاملة للحفاظ على البيئة وضمان استدامة التنوع الإحيائي.
عبر عمليات جمع البيانات وتحليلها، وتقييم حالة الأنواع وموائلها، وهو ما يسهم في تطوير خطط الحماية والتأهيل البيئي بما يتماشى مع المعايير العالمية المعتمدة في مجال حماية الحياة الفطرية.
وتُعد المحمية، التي تمتد على مساحة 130,700 كيلومتر مربع، من أكبر المحميات الطبيعية في الشرق الأوسط، وتغطي نطاقًا إداريًا واسعًا يشمل مناطق الحدود الشمالية، والجوف، وتبوك، وحائل.
وتتميز بتنوع تضاريسها من جبال وسهول وأودية، وهو ما يوفر بيئات متعددة تدعم أنواعًا مختلفة من الكائنات البرية والنباتات، ما يجعلها بيئة مثالية لاستقبال الطيور المهاجرة التي تبحث عن محطات آمنة خلال رحلاتها الشاقة بين قارات العالم.
وتستقبل المحمية الطيور المهاجرة القادمة من آسيا وأوروبا في موسم الخريف، حيث تُعد أول محطة لها داخل الأراضي السعودية، بينما تُشكّل أيضًا آخر نقطة وداع للطيور القادمة من أفريقيا في موسم الربيع، خلال رحلة العودة إلى موائلها الصيفية.
ويجعل هذا الموقع الاستراتيجي من المحمية منطقة عبور واستراحة حيوية لهذه الطيور، وهو ما يتطلب تعزيز جهود الحماية والتأهيل للحفاظ على هذا التوازن الدقيق.
وبفضل هذه الجهود البيئية المستمرة، تتحول المحمية إلى رمز وطني في الحفاظ على البيئة ومأوى طبيعي متكامل يعكس التزام المملكة بتحقيق أهدافها البيئية والوفاء بتعهداتها الدولية المتعلقة بالتنوع البيولوجي.
وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 في حماية البيئة وصون الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.