يستعد أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة في التعليم العام بالمملكة العربية السعودية لخوض تجربة تعليمية نوعية، حيث تم إدراج منهج الذكاء الاصطناعي ضمن مقررات العام الدراسي 2025-2026، في خطوة تُعد استراتيجية لتعزيز قدرات الجيل القادم في مجال الذكاء الاصطناعي.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
ويأتي ذلك بفضل التعاون بين المركز الوطني للمناهج ووزارة التعليم ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، في مسعى متكامل لتهيئة الطلاب والطالبات لمستقبل يعتمد بشكل متزايد على التقنيات الحديثة.
يهدف هذا المنهج الجديد إلى إتاحة الفرصة للطلاب لاستكشاف عالم الذكاء الاصطناعي مبكرًا، مما يسهم في بناء وعيهم حول دور هذه التكنولوجيا في مواجهة التحديات الرقمية التي يفرضها العصر الحالي.
كما يسعى المنهج إلى تشجيع الإبداع والابتكار، وتحفيز الطلاب على تطوير حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمعالجة مشكلات تنموية متعددة في مختلف مجالات الحياة اليومية، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي.
تأتي هذه المبادرة في إطار توجيهات القيادة الرشيدة الرامية إلى تنمية رأس المال البشري، وتعزيز قدرات الشباب السعودي ضمن رؤية السعودية 2030 التي تسعى لبناء مجتمع معرفي قائم على التقنيات المتقدمة.
ويعكس إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم العام حرص المملكة على تعزيز مكانتها الريادية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، ورفع مستوى المنافسة عالميًا في هذه القطاعات الحيوية.
الذكاء الاصطناعي والتعليم له تاريخ تطوري يمتد لأكثر من ستة عقود، حيث مرت هذه العلاقة بأربع مراحل رئيسية، بدأت المرحلة الأولى بين 1960 و1975 بظهور برامج معالجة اللغات الطبيعية والمحادثة، تلتها المرحلة الثانية من 1975 إلى 1990 التي شهدت تطوير أنظمة التعليم الذكية والتعليم التكيفي.
أما المرحلة الثالثة من 1990 إلى 2010 فشهدت انتشار تعلم الآلة والتعليم الإلكتروني، بينما جاءت المرحلة الرابعة من 2010 حتى 2020 لتبرز تقنيات التعلم العميق وأتمتة المهام التعليمية، ومنذ عام 2020، برز الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعليم المخصص كأحدث مراحل التطور.
وفي هذا السياق، عززت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي شراكتها مع وزارة التعليم لإطلاق عدد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى بناء القدرات الوطنية في هذا المجال، مستهدفة الأجيال الصاعدة باعتبارها ركيزة أساسية لمستقبل المملكة في اقتصاد المعرفة.
وتشمل هذه المبادرات برامج تدريبية محلية ودولية تشرف عليها نخبة من خبراء الذكاء الاصطناعي، لضمان جودة التعليم والارتقاء بمستوى الكفاءات الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت وزارة التعليم بالتعاون مع سدايا دليلاً إرشاديًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم العام، يهدف إلى تحسين جودة المخرجات التعليمية بشكل مسؤول وأخلاقي، مع الحفاظ على الدور المحوري للمعلم ودعم العملية التعليمية، إلى جانب زيادة وعي أولياء الأمور بأهمية هذه التقنيات.
ولضمان مواءمة البرامج الأكاديمية مع المعايير العالمية، أطلقت سدايا بالتعاون مع هيئة تقويم التعليم والتدريب برنامجًا لمواءمة الإطار السعودي لمؤهلات تخصصات الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز ثقة جهات التوظيف في خريجي هذا التخصص الحيوي.
وعلى صعيد المجتمع، أطلقت الهيئة مبادرة "سماي" بالشراكة مع وزارة التعليم ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، التي تهدف إلى تمكين مليون سعودي من مهارات الذكاء الاصطناعي، وقد سجلت حتى الآن أكثر من نصف مليون مشارك، ما يعكس الإقبال الكبير على اكتساب هذه المهارات المهمة لمختلف الفئات العمرية والمهنية.
ولتعزيز القدرات الوطنية على المستوى العالمي، أطلقت سدايا برنامج الابتعاث في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع وزارة التعليم وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، لتمكين الكفاءات الوطنية من الدراسة في أرقى الجامعات العالمية، مع التركيز على تطوير مهاراتهم وخبراتهم في هذا المجال الحيوي.
كما تعمل سدايا عبر أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي التي أطلقتها بالتعاون مع شركة "إنفيديا" على تأهيل جيل سعودي متمكن في مجالات الابتكار والتقنيات المتقدمة، ليكون قادرًا على المنافسة عالميًا والمساهمة في دعم مكانة المملكة الرائدة في الذكاء الاصطناعي.
هذه المبادرات المتنوعة تؤكد حرص المملكة على الاستثمار في جيل المستقبل، وتهيئته للعب دور فاعل في اقتصاد المستقبل الذي سيعتمد بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعزز من مكانة السعودية على خريطة الابتكار العالمية ويقودها نحو مستقبل مزدهر.