اقترب الإسباني إيمريك لابورت، مدافع نادي النصر السعودي، من مغادرة صفوف الفريق بشكل رسمي، ليكون على أعتاب عودة مرتقبة إلى الملاعب الأوروبية عبر بوابة فريقه السابق أتلتيك بيلباو، في خطوة وُصفت بأنها واحدة من أبرز صفقات الانتقالات الشتوية المنتظرة في القارة العجوز.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام

الصحفي الإسباني ألبرتو سانتاكروز كشف أن المفاوضات بين اللاعب وإدارة بيلباو وصلت إلى مراحل متقدمة جدًا، مشيرًا إلى أن الاتفاق بات شبه محسوم وأن الإعلان الرسمي قد يكون مسألة وقت فقط، وهو ما يفتح الباب أمام عودة لابورت إلى النادي الذي شكّل انطلاقته الاحترافية الأولى وصنع له اسمًا كبيرًا في الكرة الأوروبية.

ولابورت ليس غريبًا على أجواء بيلباو، فقد ارتدى قميص النادي الباسكي خلال الفترة من 2012 حتى 2018، وشارك معه في مئات المباريات قبل أن يشد الرحال إلى إنجلترا عبر بوابة مانشستر سيتي، ومنه إلى السعودية حيث انضم إلى نادي النصر في صفقة لقيت أصداء واسعة نظرًا لقيمة اللاعب الفنية وخبرته الطويلة في أقوى الدوريات الأوروبية.

تجربة لابورت مع النصر امتدت على مدار أكثر من موسم، خاض خلالها 69 مباراة رسمية بمختلف البطولات، ونجح في تسجيل 9 أهداف رغم كونه مدافعًا، ليترك بصمة هجومية واضحة في الكرات الثابتة والمواقف الدفاعية المتقدمة، كما شكّل وجوده إضافة قوية للخط الخلفي للفريق الأصفر، الذي كان يبحث عن الاستقرار في الدفاع لمجاراة المنافسة المحلية والقارية.

لكن تقارير إعلامية متعددة أشارت في الأشهر الماضية إلى أن اللاعب لم يتأقلم بشكل كامل مع الأجواء في الدوري السعودي، خاصة مع تفضيله البقاء في أجواء أوروبا حيث المنافسات القوية والتواجد الدائم في دائرة الضوء الإعلامي، وهو ما جعله يرحب بخطوة العودة إلى بيلباو الذي فتح له الباب مجددًا.

من جانبها، أبدت إدارة نادي النصر مرونة في مناقشة مستقبل اللاعب، لكنها في الوقت ذاته وضعت شرطًا ماليًا واضحًا، حيث حددت مبلغ 25 مليون يورو كقيمة للتخلي عن خدمات لابورت، وأكدت أن أي نادٍ يرغب في التعاقد معه عليه الالتزام بدفع هذا المبلغ، ما يعكس حرص النادي السعودي على تحقيق الاستفادة القصوى من الصفقة وعدم التفريط في لاعبه الدولي بسهولة.

الشرط المالي الذي فرضه النصر أثار جدلاً واسعًا في الإعلام الرياضي، إذ اعتبره البعض مرتفعًا بالنظر إلى عمر اللاعب الذي تجاوز 30 عامًا، فيما يرى آخرون أن قيمة 25 مليون يورو تُعد عادلة نظرًا لمسيرته المميزة وخبراته الطويلة في الملاعب الأوروبية، فضلًا عن مشاركته الدائمة مع المنتخب الإسباني في السنوات الأخيرة.

الجماهير النصراوية من جانبها انقسمت حول مستقبل لابورت، فهناك من يرى أن رحيله سيترك فراغًا كبيرًا في الخط الخلفي للنصر، خصوصًا أن اللاعب أثبت قدراته الدفاعية وكان حاضرًا بقوة في المباريات الكبيرة، فيما اعتبر آخرون أن بيع عقده بمبلغ ضخم سيسمح للنادي بالتعاقد مع مدافع أصغر سنًا وأكثر انسجامًا مع متطلبات المرحلة المقبلة.

في المقابل، تبدو جماهير أتلتيك بيلباو في حالة ترقب وحماس كبير، إذ تنظر إلى عودة لابورت على أنها تعزيز مهم للفريق في ظل المنافسة الصعبة بالدوري الإسباني، كما أن اللاعب يحظى بشعبية واسعة لدى أنصار النادي كونه أحد أبناء الفريق الذين تدرجوا في صفوفه وتركوا بصمة واضحة قبل مغادرتهم إلى الخارج.

العودة المتوقعة للاعب قد تحمل أيضًا بعدًا رمزيًا، حيث يُعرف نادي أتلتيك بيلباو باعتماده شبه الكامل على اللاعبين الباسكيين أو من نشأوا في الإقليم، وهو ما يجعل صفقة لابورت تمثل إضافة قوية تتماشى مع فلسفة النادي التاريخية في الحفاظ على هويته الخاصة، إلى جانب تعزيز صفوفه بلاعب يمتلك خبرة دولية كبيرة.

الصحافة الإسبانية بدورها سلطت الضوء على تفاصيل الصفقة المحتملة، واعتبرت أن عودة لابورت إلى بيلباو ستعيد للنادي أحد أبرز المدافعين الذين مروا عليه خلال العقد الأخير، مشيرة إلى أن الإدارة الحالية تسعى لتدعيم الفريق بعناصر قادرة على الجمع بين الخبرة والهوية المحلية، وهو ما يجسده لابورت بشكل مثالي.

وبينما تتواصل المفاوضات في الكواليس، تشير التوقعات إلى أن الإعلان الرسمي عن الصفقة قد يتم خلال أيام قليلة، خاصة أن سوق الانتقالات بات على مشارف الإغلاق، ما يضع ضغطًا كبيرًا على الأطراف الثلاثة لإنهاء الاتفاق سريعًا، وسط أنباء عن أن اللاعب نفسه متحمس للعودة إلى فريقه السابق وبدء فصل جديد من مسيرته الرياضية.

رحيل لابورت عن النصر - في حال تأكد بشكل رسمي - سيطرح العديد من علامات الاستفهام حول البديل الذي سيتعاقد معه النادي السعودي لتعويضه، خصوصًا أن النصر يسعى هذا الموسم للمنافسة بقوة على لقب الدوري السعودي ودوري أبطال آسيا، ما يتطلب وجود خط دفاعي قوي ومتجانس قادر على مواجهة كبار المنافسين.

من جهتها، تؤكد بعض المصادر أن إدارة النصر بدأت بالفعل في وضع قائمة مختصرة من الأسماء المرشحة لتعويض لابورت في حال رحيله، مع التركيز على مدافعين شباب يملكون القدرة على الاستمرار لسنوات طويلة، وهو ما ينسجم مع سياسة النادي في بناء فريق متكامل يجمع بين الخبرة والعناصر الواعدة.

في النهاية، يمكن القول إن صفقة عودة لابورت إلى أتلتيك بيلباو تبدو أقرب إلى الحسم، لتُغلق بذلك صفحة مهمة في مسيرة اللاعب مع النصر، وتفتح أمامه باب العودة إلى أجواء الليغا الإسبانية التي طالما تألق فيها، فيما يبقى السؤال الأبرز: كيف سيتعامل النصر مع هذا الفراغ الفني، وما إذا كان سيجد البديل المناسب بالسرعة المطلوبة.