كشف أستاذ فسيولوجيا الجهد البدني بجامعة طيبة الدكتور محمد الأحمدي عن صدمة حقيقية لمحبّي الوجبات السريعة موضحًا أن الاعتقاد السائد بإمكانية حرق كل ما نتناوله من طعام أو شراب بمجرد المشي أو ممارسة أي نشاط بدني اعتقاد خاطئ تمامًا.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وأوضح الأحمدي أن الأمر ليس بهذه السهولة كما يظن البعض، فالجسم يحتاج إلى جهد كبير ومتواصل من أجل التخلص من السعرات الحرارية الزائدة التي تدخل عبر وجبة واحدة فقط، مشيرًا إلى أن الحسابات العلمية تكشف حجم الفجوة الكبيرة بين استهلاك الطعام وحرقه.
وأعطى مثالًا عمليًا بساندويتش شاورما واحد يحتوي على 1526 سعرة حرارية، مؤكدًا أن التخلص من هذه الكمية يتطلب خمس ساعات كاملة من المشي السريع المتواصل، وهو ما يعكس صعوبة المعادلة بين متعة الأكل السريع ومشقة الحرق الطويل.
وأشار إلى أن بعض الحلويات الشعبية مثل البسبوسة بالقشطة تمثل نموذجًا آخر على هذا التحدي، حيث تحتوي قطعة واحدة بوزن مئة جرام على 350 سعرة حرارية، يستطيع الإنسان تناولها في دقائق قليلة، لكن الجسم يحتاج إلى ساعة وعشر دقائق من المشي السريع للتخلص منها.
وبيّن أن كيكة التيراميسو ليست أقل خطرًا في هذا الجانب، فالحصة الواحدة منها تحتوي على 304 سعرات حرارية، ويستوجب حرقها ساعة كاملة من المشي، ما يجعل الحلويات المفضلة عند كثيرين عبئًا إضافيًا على صحة الجسم إن لم يقابلها نشاط بدني كافٍ.
كما فنّد الاعتقاد الشائع لدى بعض الأشخاص بأن التفكير الطويل أو الانشغال الذهني قد يساهم في إنقاص الوزن، موضحًا أن هذا المفهوم خاطئ، وأن السبب الحقيقي في زيادة الوزن هو قلة الحركة البدنية الناتجة عن الانشغال بالهموم والجلوس لفترات طويلة دون نشاط.
ولفت الأحمدي إلى العلاقة الوثيقة بين السمنة وعدد من الأمراض المزمنة، حيث تمثل السمنة ما يقارب 40% من حالات الإصابة بمرض السكري، فيما يشكل النوع الثاني من المرض نسبة تصل إلى 25% من إجمالي المصابين، وهو ما يعكس خطورة الإهمال في إدارة الوزن.
وأضاف أن المشكلة لا تكمن فقط في السعرات، بل في نوعية المكونات والكميات الكبيرة التي تقدمها مطاعم الوجبات السريعة، مبينًا أن بعض الوجبات المخصصة للأطفال تحتوي على سعرات حرارية تكفي كامل احتياجهم اليومي، مما يجعلها تهديدًا مباشرًا لصحتهم على المدى الطويل.
وأكد أن الإفراط في الاعتماد على وجبات المطاعم يسهم في زيادة الوزن بشكل سريع وصعوبة التحكم فيه لاحقًا، بينما الاعتماد على وجبات منزلية متوازنة يساعد على تلبية الاحتياجات الغذائية دون تحميل الجسم أعباء زائدة.
وشدد على أن الوعي الصحي يجب أن يتجاوز مجرد حساب السعرات إلى فهم طبيعة الغذاء وأثره المباشر على الجسم، خاصة في ظل الانتشار الواسع لثقافة الوجبات الجاهزة والإعلانات الجاذبة التي تشجع على الاستهلاك المتكرر.
وأشار إلى أن الحل ليس مستحيلًا كما يتخيل البعض، فالتوازن بين الغذاء والنشاط هو العامل الأهم في ضبط الوزن، إذ إن ممارسة نشاط بدني منتظم مع تجنب الجلوس لفترات طويلة كفيل بتحقيق نتائج إيجابية على المدى المتوسط والبعيد.
كما دعا إلى إعادة النظر في عاداتنا الغذائية اليومية، والحرص على اختيار الأطعمة البسيطة المطهية في المنزل، لأنها أقل في السعرات وأفضل في القيمة الغذائية، إلى جانب أنها تمنح الفرد سيطرة أكبر على مكونات طعامه.
وبيّن أن ثقافة الاعتماد على الرياضة فقط كوسيلة للتخلص من السعرات الزائدة دون ضبط النظام الغذائي ثقافة غير دقيقة، فالتجارب العلمية تؤكد أن ضبط النظام الغذائي هو نصف الطريق إلى الحفاظ على صحة جيدة.
واختتم الأحمدي حديثه بالتأكيد على أن التمسك بنمط حياة صحي متوازن يجمع بين الأكل المنزلي الصحي والنشاط البدني المنتظم يمثل السبيل الأمثل للوقاية من السمنة وما يتبعها من أمراض خطيرة، وهو ما يتطلب وعيًا فرديًا ومجتمعيًا لمواجهة هذه التحديات.