سرطان الدم
"وداعًا للسفر للخارج.. العلاج الجيني الأول يُصنّع في السعودية ويُخفف الأعباء عن المرضى"
كتب بواسطة: محمود العادل |

سجّلت السعودية خطوة جديدة في مسار تطوير العلاجات المتقدمة بعد إعلان الهيئة العامة للغذاء والدواء عن موافقتها على إجراء أول دراسة سريرية لعلاج جيني مبتكر يعتمد على الخلايا التائية المعدلة باستخدام تقنية "كار تي سيلز"، والمخصص لعلاج البالغين المصابين بسرطان ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد الإيجابي لبروتين CD19 ممن لم يستجيبوا للعلاجات السابقة أو تعرضوا لانتكاسة.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

وأوضحت الهيئة أن هذه الموافقة تمثل دعمًا مباشرًا للدراسات السريرية التي توظف أحدث تقنيات العلوم الحيوية، في إطار التزامها بتهيئة بيئة تنظيمية شفافة وفعالة تسهم في تسريع إتاحة العلاجات الواعدة للمرضى داخل المملكة.

ويأتي هذا الإعلان ضمن مستهدفات برنامج تحول القطاع الصحي أحد برامج رؤية 2030 الذي يسعى إلى جعل السعودية مركزًا إقليميًا رائدًا في مجالات البحث والتطوير والابتكار الصحي، بما يضمن تعزيز مكانتها على خريطة الابتكار الطبي العالمي.

ويُعد هذا العلاج الأول من نوعه على مستوى المملكة، إذ جرى تصنيعه محليًا داخل بيئة بحثية وطنية باستخدام نظام نقل مغلق في وحدة تصنيع متقدمة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، وذلك في إطار تعاون تكاملي بين الجهات التنظيمية والبحثية.

ويُعرف ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد بأنه أحد أكثر أورام الدم ونخاع العظم حدة وسرعة في النمو، إذ يؤثر على الخلايا اللمفاوية البيضاء ويجبر نخاع العظم على إنتاج أعداد كبيرة من الخلايا غير الناضجة، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع قدرة الجسم على مقاومة العدوى ونقل الأكسجين والسيطرة على النزيف.

وتعتمد آلية العلاج البحثي على استخلاص الخلايا التائية من المريض ثم إعادة تعديلها وراثيًا خارج الجسم لتصبح قادرة على استهداف الخلايا السرطانية الحاملة لبروتين CD19، وبعد ذلك تُعاد حقنها للمريض عبر الوريد بهدف محاربة الورم بشكل موجه ودقيق.

وتسعى الدراسة في مرحلتها الحالية إلى تقييم مدى سلامة العلاج كخطوة أساسية قبل الانتقال إلى مراحل متقدمة من الأبحاث السريرية، حيث يُعطى العلاج تحت إشراف طبي كامل للفئة العمرية من 18 إلى 60 عامًا.

ويشارك في تطوير هذا العلاج فريق من الباحثين والعلماء السعوديين بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض بالتعاون مع شركة "لينتجن/ مليتوني"، وذلك ضمن مشروع مشترك يركز على ضمان أعلى معايير السلامة في تصميم المستحضر.

ويؤكد إطلاق هذه الدراسة أن المملكة باتت لاعبًا رئيسيًا في ميدان العلاجات الجينية والابتكار الطبي، وهو ما يعكس توجهاتها لتعزيز الاستثمار في البحث العلمي وبناء كوادر بشرية قادرة على قيادة مشروعات نوعية تخدم صحة الإنسان.

كما أن اعتماد تقنية "كار تي سيلز" محليًا يعزز من فرص توفير العلاج للمرضى داخل السعودية دون الحاجة إلى السفر للخارج، وهو ما يخفف الأعباء الصحية والنفسية والمادية على المرضى وعائلاتهم.

ويُتوقع أن تفتح هذه التجربة آفاقًا جديدة أمام الأبحاث الطبية في المملكة، بما يتيح التوسع مستقبلًا في تطوير علاجات مشابهة لأمراض سرطانية أخرى أو اضطرابات مناعية مستعصية.

ويشير خبراء الصحة إلى أن هذه الخطوة ستُسهم في ترسيخ موقع المملكة كوجهة إقليمية للابتكار الطبي وتطوير الأبحاث السريرية عالية المستوى، خصوصًا في ظل توفر البنية التحتية الحديثة والدعم التنظيمي.

ويأتي الاهتمام المتزايد بالعلاجات الجينية انعكاسًا للتحولات العالمية في مسار مواجهة الأمراض المستعصية، إذ تمثل هذه التقنيات أملًا واعدًا للعديد من المرضى الذين لم يحققوا استجابة للعلاجات التقليدية.

وبذلك تكون السعودية قد خطت خطوة محورية في رحلة مواجهة سرطان ابيضاض الدم عبر اعتماد أول دراسة محلية لعلاج جيني متطور يفتح الباب أمام مستقبل أكثر أمانًا وفعالية في علاج الأمراض المستعصية.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار