خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة الذي استضافته مدينة الخبر بمشاركة واسعة من استشاريين وخبراء، أشاد الدكتور ياسر الحسن الطبيب السابق في مستشفى الملكة إليزابيث ببريطانيا واستشاري الغدة الكظرية في مستشفى مايو كلينك بأبوظبي بالجهود السعودية في مجال الرعاية الصحية.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
مؤكدا أن برامج التشخيص المبكر والتوعية بأمراض السكري والغدد تضاهي ما تقوم به الدول المتقدمة، كما نوه بالدور الكبير الذي يقوم به برنامج جودة الحياة في دعم المبادرات الوطنية الموجهة للمجتمع.
وأوضح الدكتور الحسن أن العالم يشهد تطورا متسارعا في فهم أمراض الغدد الصماء خاصة الغدة الكظرية التي وصفها بمصنع الهرمونات، حيث تنتج أربعة أنواع رئيسية لها دور حاسم في توازن الجسم.
وأضاف أن أي خلل في إفراز هذه الهرمونات يؤدي إلى مشاكل خطيرة، من أبرزها ارتفاع ضغط الدم الناجم عن زيادة إفراز هرمون الألدوستيرون، وهو ما أصبح يمثل تحديا متناميا في الممارسة الطبية.
وكشف الحسن أن نسبة تشخيص حالات فرط إفراز الألدوستيرون ارتفعت عالميا بشكل لافت، إذ لم تكن تتجاوز واحدا في المئة خلال سبعينيات القرن الماضي، بينما تصل اليوم إلى نحو اثني عشر في المئة، وهو ما اعتبره دليلا على أهمية تطوير استراتيجيات علاجية جديدة قادرة على مواجهة هذا الارتفاع الكبير في معدل الانتشار.
وأضاف أن الأبحاث العلمية الحديثة توصلت إلى علاج دوائي جديد موجه لعلاج ارتفاع ضغط الدم الناتج عن فرط الألدوستيرون، مشيرا إلى أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية وافقت على هذا الدواء قبل أيام بعد نشر نتائجه في مجلة علمية محكمة بتاريخ الحادي والثلاثين من أغسطس، وهو ما يفتح المجال أمام المرضى للحصول على خيارات علاجية أكثر دقة وفعالية.
وبيّن الحسن أن العلاجات المتاحة في هذا المجال لم تعد مقتصرة على التدخلات الجراحية التي تجرى لإزالة الغدة الكظرية المصابة، بل أصبح بالإمكان اللجوء إلى أدوية مبتكرة تستهدف الخلل في إفراز الهرمون، وهو ما يمثل خطوة متقدمة نحو تحسين جودة حياة المرضى الذين عانوا طويلا من مضاعفات الضغط المقاوم للعلاج التقليدي.
وفي جانب آخر من مداخلته كشف الدكتور الحسن عن نتائج دراسات تتعلق باضطراب وراثي في هرمون الكورتيزول ينتج عن عيب جيني متوارث يظهر عادة في حالات زواج الأقارب، مؤكدا أن هذا الاضطراب يسبب خللا في تصنيع الغدة ويؤدي إلى مشكلات صحية قد تكون معقدة ما لم يتم تشخيصها مبكرا والتعامل معها وفق بروتوكولات دقيقة.
ولفت إلى أن سرطان الغدة الكظرية يعد من الأمراض النادرة عالميا إذ تبلغ نسبة الإصابة به ما بين حالة إلى حالتين لكل مليون شخص سنويا، وهو ما يعادل نحو ثلاثين إلى ستين حالة في المملكة، مؤكدا أن الوعي والتشخيص المبكر يساعدان على الحد من المخاطر المرتبطة بهذه الأورام رغم ندرتها.
من جانبها أكدت استشارية الغدد الصماء والسكري الدكتورة ابتسام باعيسى أن استخدام الكورتيزون لدى مرضى السكري يجب أن يتم بحذر شديد وتحت إشراف طبي دقيق، موضحة أن الدواء قد يكون ضروريا في بعض الحالات سواء عن طريق الحبوب أو الحقن، لكنه يحمل خطرا يتمثل في ارتفاع مستوى السكر في الدم إذا استُخدم بكثرة أو لفترات طويلة.
وأشارت إلى أن تأثير الكورتيزون لا يقتصر على المرضى المصابين بالسكري فقط، إذ يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في مستوى السكر لدى أشخاص غير مصابين بالمرض، وغالبا ما يزول هذا الارتفاع عند إيقاف العلاج، إلا أن الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالسكري قد تبقى معرضة للخطر، ما يفرض ضرورة إجراء فحوص للسكر عند بدء استخدام الدواء.
وأضافت باعيسى أن المملكة من بين الدول التي تسجل معدلات مرتفعة من الإصابة بمرض السكري، الأمر الذي يجعل من ضبط مستويات السكر والالتزام بالخطة العلاجية والمتابعة الدورية مع الأطباء ضرورة قصوى لتفادي المضاعفات، كما أكدت أن الالتزام بالنظام الغذائي الصحي وممارسة النشاط البدني من أهم الخطوات الوقائية التي لا تقل أهمية عن الدواء نفسه.
وشددت على أن التطور الطبي والتقني أتاح أدوات جديدة لمتابعة مرض السكري بشكل أدق، حيث أصبحت الأجهزة الحديثة تسهل مراقبة مستويات السكر بشكل لحظي، وهو ما يساعد المرضى على ضبط حالتهم وتفادي المضاعفات، لافتة إلى أن هذه التقنيات تمثل نقلة نوعية في تحسين جودة الحياة لمرضى السكري في المملكة والعالم.
ودعت باعيسى إلى اتخاذ خطوات وقائية في المدارس لحماية الأطفال من مخاطر السمنة التي تعد بوابة نحو الإصابة بالسكري من النوع الثاني، مؤكدة أن ارتفاع معدلات البدانة لدى الأطفال بات أمرا مقلقا ويستدعي تحركا عاجلا على مستوى التوعية والتشريعات الصحية.
واقترحت منع بيع مجموعة من المنتجات الغذائية غير الصحية في مقاصف المدارس مثل الشوكولاتة والشيبس والعلكة والفول السوداني والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والآيس كريم، مبينة أن هذه الأصناف لا تقتصر أضرارها على زيادة الوزن بل قد تكون سببا في مشكلات صحية أخرى متعلقة بجودة وسلامة الغذاء.
وطالبت بزيادة برامج التوعية داخل المدارس لتعريف الطلاب بعادات الأكل السليم وأهمية النشاط البدني، مؤكدة أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع لمواجهة هذه الظاهرة، وأن نشر الوعي منذ سن مبكرة يعد خط الدفاع الأول ضد أمراض السكري والسمنة وما يترتب عليها من مخاطر مستقبلية.
وفي ختام الجلسة شدد المشاركون في المؤتمر على أهمية استمرار البحث العلمي في مجالات الغدد والسكري والسمنة، وأكدوا أن التقدم في التشخيص والعلاج لن يكتمل دون تعزيز التوعية المجتمعية، وأن التكامل بين التطور الطبي والدور التثقيفي يمثل الطريق الأمثل للحد من انتشار هذه الأمراض وتحقيق أهداف جودة الحياة في المملكة.