إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
شهدت أسواق النفط العالمية ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الخام عند التسوية، حيث عوضت هذه الارتفاعات بعض الخسائر التي تكبدتها الأسواق خلال الأسبوع الماضي، ويأتي ذلك في ظل حالة من الترقب لقرارات تحالف أوبك+ وتأثيرها على توازن العرض والطلب في الأسواق العالمية.
جاء هذا الارتفاع بعد إعلان تحالف أوبك+ الاكتفاء بزيادة متواضعة في مستويات الإنتاج، وهو ما اعتبره المحللون إشارة إلى استمرار الحذر في التعامل مع التطورات الاقتصادية العالمية، إضافة إلى توقعات المستثمرين بإمكانية فرض المزيد من العقوبات على الخام الروسي خلال الفترة المقبلة.
سجل خام برنت عند التسوية ارتفاعًا بمقدار 52 سنتًا، أي ما يعادل 0.79%، ليصل إلى سعر 62.26 دولارًا للبرميل، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 39 سنتًا أو ما يعادل 0.63%، ليغلق عند مستوى 62.26 دولارًا للبرميل، في تحرك يعكس عودة بعض الثقة إلى الأسواق.
يأتي ذلك بعد تراجع كبير شهده الخامان القياسيان يوم الجمعة الماضي، حيث انخفض كل منهما بأكثر من 2%، متأثرين ببيانات أمريكية ضعيفة تتعلق بتقرير الوظائف، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن تباطؤ محتمل في الطلب على الطاقة داخل أكبر اقتصاد في العالم.
وأوضحت التقارير الاقتصادية أن ضعف بيانات الوظائف في الولايات المتحدة أرسل إشارة سلبية لأسواق الطاقة، حيث يخشى المستثمرون أن يؤدي تراجع النشاط الاقتصادي إلى انخفاض معدلات استهلاك النفط خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يشكل ضغطًا على الأسعار.
قررت الدول الأعضاء في تحالف أوبك+، والذي يضم المملكة العربية السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعمان، المضي قدمًا في خطة محدودة لزيادة الإنتاج، وذلك بعد اجتماعات مكثفة شهدتها الأيام الماضية لمناقشة مستقبل الإمدادات النفطية.
ويشير القرار الجديد إلى تعديل إنتاج قدره 137 ألف برميل يوميًا فقط، وهو جزء من إجمالي التعديلات التطوعية الإضافية التي سبق أن أعلن عنها التحالف في وقت سابق، والتي تبلغ 1.65 مليون برميل يوميًا، حيث تم التأكيد على أن هذا التعديل سيدخل حيز التنفيذ في شهر أكتوبر المقبل.
يمثل هذا التوجه إشارة واضحة إلى رغبة أوبك+ في الحفاظ على استقرار السوق وعدم إغراقه بكميات إضافية من الخام، خصوصًا في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي ووتيرة التعافي في الطلب على الطاقة.
المملكة العربية السعودية، التي تعد القائد الفعلي للتحالف، لعبت دورًا محوريًا في صياغة القرار، إذ شددت على أهمية التوازن بين مصالح المنتجين وحماية الأسواق من تقلبات حادة قد تضر بالاقتصادات الوطنية والعالمية على حد سواء.
من جهتها، أكدت روسيا التزامها الكامل باتفاق أوبك+، مشيرة إلى أن أي قرارات بشأن الإنتاج يجب أن تراعي التطورات الجيوسياسية، بما في ذلك العقوبات الغربية المفروضة على صادراتها النفطية، والتي كان لها تأثير مباشر على تدفقات الخام الروسي إلى الأسواق العالمية.
ويرى محللون أن الخطوة التي اتخذها التحالف تهدف إلى إرسال رسالة طمأنة إلى الأسواق مفادها أن أوبك+ مستعدة للتدخل في أي وقت لضبط الإمدادات والحفاظ على مستويات الأسعار ضمن نطاق مقبول، بما يضمن عدم حدوث اضطرابات حادة في السوق.
من المتوقع أن تسهم هذه القرارات في استقرار نسبي للأسعار خلال الأسابيع المقبلة، إلا أن بعض المحللين حذروا من أن أي مفاجآت اقتصادية، مثل تباطؤ الاقتصاد الأمريكي أو تصاعد التوترات الجيوسياسية، قد تدفع الأسعار إلى تقلبات جديدة غير متوقعة.
وفي الوقت نفسه، يترقب المستثمرون عن كثب أي قرارات جديدة تتعلق بالعقوبات على روسيا، حيث أن تشديد هذه العقوبات قد يؤدي إلى تقليص المعروض العالمي من النفط، ما قد يخلق فجوة في الإمدادات ويعزز من ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ.
تعكس هذه التطورات استمرار حالة القلق في أسواق الطاقة، إذ يسعى المستثمرون والشركات العاملة في القطاع إلى التكيف مع متغيرات متسارعة تتعلق بالسياسات الحكومية، وحركة التجارة العالمية، ومستويات الطلب في الأسواق الناشئة والمتقدمة على حد سواء.
كما أن التحالف يواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في الموازنة بين دعم الأسعار وضمان عدم الإضرار بالنمو الاقتصادي العالمي، إذ إن أي ارتفاع كبير في الأسعار قد يضر بالطلب ويؤدي إلى تباطؤ في الاقتصادات المستهلكة الرئيسية للنفط.
ورغم هذه التحديات، يؤكد خبراء الطاقة أن استراتيجية أوبك+ القائمة على المرونة والاستجابة السريعة للتطورات أثبتت فعاليتها خلال السنوات الماضية، خصوصًا في مواجهة صدمات مثل جائحة كورونا والتقلبات الحادة في الأسعار التي أعقبتها.
من المتوقع أن تستمر الأسواق في حالة ترقب حتى بداية أكتوبر المقبل، وهو موعد دخول التعديل الجديد حيز التنفيذ، حيث سيتابع المستثمرون عن كثب تأثير هذا القرار على مستويات العرض والطلب والأسعار في الأسواق العالمية.
ويشير مراقبون إلى أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لتحالف أوبك+، إذ ستختبر قدرته على إدارة التوازن بين المصالح الوطنية للدول الأعضاء ومتطلبات السوق العالمي الذي يمر بمرحلة من عدم اليقين.
تستمر أسعار النفط في لعب دور محوري في تحديد اتجاهات الاقتصاد العالمي، وهو ما يجعل قرارات أوبك+ تحت المجهر دائمًا، حيث يدرك التحالف أن أي خطوة غير محسوبة قد تكون لها تداعيات واسعة على الأسواق والاقتصادات حول العالم.
ومع كل هذه المعطيات، يبقى السؤال الأهم هو مدى قدرة التحالف على الحفاظ على تماسكه الداخلي والاستجابة الفعالة للتحديات المقبلة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية والتغيرات السريعة في أسواق الطاقة العالمية.