افتتحت جامعة جازان صباح اليوم الأربعاء ملتقى أبحاث السرطان 2025، في حدث علمي يحظى برعاية أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، ليجمع نخبة من الباحثين والأطباء والخبراء لمناقشة أحدث المستجدات في هذا المجال.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
ويستمر على مدار يومين بالشراكة مع هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار تحت شعار طموح هو معًا نحو تحقيق المستهدفات الوطنية في مكافحة السرطان.
يأتي هذا الملتقى في وقت يتزايد فيه الاهتمام محليًا وعالميًا بتطوير استراتيجيات لمكافحة السرطان، حيث تسعى المملكة من خلال هذه الفعاليات إلى توحيد الجهود البحثية والطبية، بما يتماشى مع توجهات رؤية السعودية 2030 في تعزيز جودة الحياة وتحسين الرعاية الصحية.
اليوم الأول من الملتقى حمل زخمًا علميًا لافتًا، إذ شهد تنظيم جلستين علميتين وسبع محاضرات متخصصة، تناولت أبرز التحديات البحثية والسريرية التي تواجه القطاع الصحي في التعامل مع أمراض السرطان داخل المملكة، وسط حضور واسع من الأكاديميين والمهنيين.
الجلسة الأولى جاءت بعنوان التحديات الوطنية والأولويات البحثية في مجال السرطان، وأدارها الأستاذ الدكتور حسين عقيلي من جامعة جازان، لتسلط الضوء على الأسس الاستراتيجية التي تبنى عليها خطط المواجهة الوطنية للمرض.
استهلت الجلسة بمحاضرة للأستاذ الدكتور مشبب العسيري من المجلس الصحي السعودي، الذي أكد أهمية السجل السعودي للسرطان باعتباره قاعدة بيانات مركزية تساعد في صياغة الخطط الصحية الوطنية المبنية على الأدلة.
كما شاركت الدكتورة غدير المهيني من هيئة تنمية البحث والابتكار بمحاضرة تناولت النهج القائم على المهام في البحث والتطوير، مشددة على أهمية اعتماد مسارات بحثية واضحة تخدم الأهداف الوطنية.
الدكتور مانع الشهري من هيئة الغذاء والدواء تحدث بدوره عن دور الهيئة في وضع التشريعات المنظمة لعلاجات السرطان، مبينًا أن تحديث الأطر التشريعية يعد ركيزة لضمان فاعلية العلاج وسلامة الممارسات الطبية.
واختتمت الجلسة الأولى بحلقة نقاشية تفاعلية جمعت المتحدثين والحضور، حيث طرحت رؤى متعددة حول سبل رفع كفاءة البحث العلمي في هذا القطاع الحيوي.
أما الجلسة الثانية فقد أدارتها الدكتورة نسرين البار من جامعة جازان، وحملت عنوان الأبحاث السريرية والوقائية للسرطان، لتفتح باب النقاش أمام أوراق بحثية متعددة عكست تنوع التحديات والتجارب.
من أبرز هذه الأوراق بحث للدكتورة فاطمة الهملان من مستشفى الملك فيصل التخصصي، الذي تناول إمكانية إعادة التفكير في الوقاية من سرطان عنق الرحم بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتشخيصات الذاتية كمسارات مبتكرة للكشف المبكر.
كما عرض الدكتور محمد القحطاني من جامعة الملك خالد ورقة حول الريادة في رعاية مرضى الأورام بمنطقة عسير، مشيرًا إلى أهمية تطوير البنية التحتية الطبية خارج المراكز الكبرى.
وتحدث الدكتور محمد جعفر من جامعة جازان عن تغيير معايير الكشف المبكر لسرطان الفم، مؤكدًا أن تحديث أساليب التشخيص يمثل نقطة تحول في خفض نسب الإصابة.
كما قدمت الدكتورة وفاء خضير من تجمع جازان الصحي عرضًا حول التطورات الجراحية في علاج سرطان الثدي، مبينة أن إدخال تقنيات جديدة أسهم في رفع نسب الشفاء وتحسين نتائج المرضى.
الجلسة الثانية اختتمت بحوار مفتوح جمع المتحدثين بالحضور، حيث تبادلوا الرؤى حول مستقبل الأبحاث السريرية وسبل تعزيز التعاون بين الجامعات والمراكز الطبية.
هذا التفاعل الواسع أظهر شغفًا كبيرًا لدى المشاركين بمتابعة أحدث الاتجاهات العالمية وربطها باحتياجات المملكة، ما يعكس رغبة حقيقية في بناء قاعدة بحثية متينة.
في ختام اليوم الأول، قام وكيل جامعة جازان للشؤون الأكاديمية، الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى عريشي، بتكريم المتحدثين وتسليمهم الدروع التذكارية، تقديرًا لإسهاماتهم العلمية.
يحمل هذا الملتقى رسائل متعددة، أهمها أن مكافحة السرطان لم تعد مقتصرة على الجهود الطبية، بل أصبحت قضية مجتمعية وعلمية واقتصادية تحتاج إلى تكامل الأدوار.
كما يعكس الحدث التزام جامعة جازان بتعزيز موقعها كمركز بحثي في المنطقة الجنوبية، وداعم رئيسي للخطط الوطنية في الرعاية الصحية.
ومن المنتظر أن يشهد اليوم الثاني من الملتقى مزيدًا من الجلسات العلمية والأوراق البحثية، مع توقعات بطرح مبادرات عملية تترجم توصيات الخبراء إلى خطوات ملموسة.
بهذا الحراك البحثي والعلمي، تؤكد المملكة عزمها على المضي قدمًا في مواجهة السرطان عبر منظومة متكاملة، تتجاوز حدود التشخيص والعلاج إلى الاستثمار في الوقاية والابتكار.