كثفت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي جهودها خلال العام 1446هـ لبناء بيئة رقمية متكاملة، تهدف إلى تعزيز كفاءة الأداء ورفع جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وذلك عبر استراتيجية شاملة تواكب التحول الرقمي العالمي وتعتمد على التطوير التقني والمهارات البشرية المؤهلة.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
استندت الهيئة في مساعيها إلى رؤية طموحة تجعل من التقنية وسيلة محورية لتيسير تجربة الحاج والمعتمر والزائر، وضمان وصولهم السلس إلى مختلف الخدمات، من خلال منصات ذكية وواجهات إلكترونية مصممة لتلبية الاحتياجات المتنوعة لملايين القاصدين من شتى بقاع الأرض.
وشهدت البوابة الرقمية للهيئة خلال العام نفسه نشاطًا مكثفًا، حيث أُطلقت أكثر من 217 ألف كلمة من المحتوى الرقمي المُترجم، إلى جانب تدشين 2.512 صفحة إلكترونية تهدف إلى إثراء رحلة القاصدين بمعلومات مركزة، و240 محتوى مرئيًا ومسموعًا تمت معالجته بسبع لغات عالمية.
وقدمت الهيئة عبر منصاتها الرقمية ثماني خدمات مباشرة لخدمة ضيوف الرحمن، استفاد منها أكثر من 3.6 ملايين مستفيد، وشملت خدمات مثل النقل الموحد ونظام البلاغات "راصد"، ما يعكس حرصها على تسهيل الوصول وتفعيل قنوات التفاعل مع الزائرين.
إلى جانب ذلك، أطلقت الهيئة خمس خدمات موسمية إلكترونية استفاد منها أكثر من 1.2 مليون مستخدم، أتاحت لهم التقديم على الاعتكاف والحصول على تصاريح الإفطار والوظائف الموسمية، فضلًا عن تمكين متابعة خطب الحرمين وخطبة يوم عرفة إلكترونيًا.
وعلى صعيد الأنظمة المؤسسية، دشّنت الهيئة ثمانية أنظمة متقدمة لدعم التحول الرقمي، تضمنت منصات للتطوع والدعم الفني وإدارة المشاريع والابتكار والترقيات والتراسل الداخلي، مع العمل على تحسين بوابات الدخول الموحد والامتثال التشغيلي.
كما عملت الهيئة على تحديث البنية التحتية الرقمية عبر تطوير 15 خدمة مؤسسية وتسعة أنظمة متخصصة بإدارة الشبكات، إلى جانب إنشاء مركز هندسي متقدم للقيادة والتحكم، نجح خلال ثلاثة أشهر فقط في معالجة أكثر من 13 ألف بلاغ وتذكرة فنية.
ولم تقتصر المبادرات على الخدمات الظاهرة للمستفيد، بل شملت تطوير تقنيات الحشود والرؤية الحاسوبية وربطها بـ 2,500 كاميرا مراقبة و5 أنظمة متخصصة بإدارة الحشود، مما يعكس تحولًا رقميًا حقيقيًا في إدارة الزحام وضمان انسيابية الحركة.
وفي خطوة بارزة على طريق الابتكار، قدمت الهيئة 12 تجربة تقنية حديثة تم تطبيقها فعليًا في الحرمين الشريفين، إلى جانب تعزيز التكامل مع الجهات الحكومية المختلفة عبر تطبيقات مثل "نسك" و"توكلنا"، بما يسهم في توحيد تجربة المستخدم وحوكمة البيانات.
وقد أثمرت هذه الجهود في إطلاق 24 مبادرة رائدة لدفع عجلة التحول الرقمي، من أبرزها تطوير الأرشفة الإلكترونية، وتفعيل الهوية الرقمية، وتحسين الخدمات الذاتية داخل الحرمين، بالإضافة إلى خطط التعافي من الكوارث وتعزيز الأمن السيبراني.
وفي مجال إدارة البيانات، عملت الهيئة على حوكمة البيانات من خلال ست مجموعات بيانات مفتوحة واعتماد 11 سياسة تنظيمية، مع إطلاق النسخة الأولية من منصة دعم اتخاذ القرار "قرار" لتوفير بيانات تحليلية دقيقة لصناع القرار في الهيئة.
وشملت جهود الحماية الرقمية أيضًا تطوير تسعة أنظمة سيبرانية متقدمة، وضعت لضمان أمن البيانات الرقمية، واستندت إلى 17 معيارًا فنيًا وتشغيليًا، ما عزز من جاهزية الهيئة لمواجهة أي تهديدات إلكترونية أو طوارئ رقمية محتملة.
ومن خلال تنفيذ 13 إجراءً تقنيًا مفصلًا وثلاث خطط رئيسة للطوارئ السيبرانية، إلى جانب نشر 19 سياسة معتمدة، باتت الهيئة تملك منظومة متكاملة للأمن الرقمي ترتكز على الاستباقية والتعافي السريع والتوافق مع المعايير العالمية.
تعكس هذه الإنجازات الرقمية توجهًا استراتيجيًا مستقرًا نحو تسخير التقنية لخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير تجربة روحانية أكثر تنظيمًا وراحة، وهو ما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تحسين جودة الحياة وتقديم خدمات حكومية متقدمة.
تؤكد الهيئة من خلال هذه الخطوات أن التحول الرقمي ليس خيارًا تقنيًا فحسب، بل هو مسار إداري وتنفيذي متكامل يهدف إلى تحقيق رضا المستفيدين ورفع كفاءة الأداء وتعزيز الابتكار في جميع مفاصل العمل داخل الحرمين الشريفين.