تزامنًا مع اليوم الوطني السعودي الذي يشهد عادة سباقًا محمومًا بين المتاجر التقليدية والمنصات الإلكترونية للإعلان عن خصومات مغرية، يثار جدل واسع حول مصداقية هذه العروض التي لا تخلو أحيانًا من ممارسات تسويقية مضللة تستهدف المستهلك أكثر مما تخدمه.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
فمن أبرز الحيل التي يلجأ إليها بعض التجار رفع الأسعار قبل بدء موسم التخفيضات، ليبدو السعر بعد الخصم وكأنه فرصة استثنائية، بينما في الحقيقة لا يختلف كثيرًا عن السعر المعتاد للمنتج.
كما تُستخدم ضغوط الوقت كسلاح فعال، إذ تُطرح العروض لفترات قصيرة جدًا، مما يضع المستهلك أمام قرارات سريعة قد يندم عليها لاحقًا لغياب التمهل في المقارنة أو التحقق من جدوى العرض.
وتبرز كذلك الشعارات الرنانة مثل "خصومات حتى 70%"، لكنها غالبًا ما تنطبق على منتجات محدودة أو غير رائجة، في حين لا تتجاوز التخفيضات الفعلية على السلع الأكثر طلبًا نسبة 20% فقط.
وفي عالم التسوق الإلكتروني، تتعقد الأمور أكثر مع ظهور أسعار منخفضة للوهلة الأولى، لتُضاف لاحقًا رسوم توصيل أو ضرائب تخفي حقيقة الكلفة النهائية التي يتحملها المشتري.
وتندرج ضمن هذه الأساليب ما يُعرف بالندرة المصطنعة، حيث تُعرض رسائل من قبيل "بقيت قطعتان فقط" أو عدادات زمنية توحي بقرب انتهاء العرض، وهي تكتيكات نفسية تهدف إلى دفع المستهلك للشراء دون تروٍ.
الخبراء يحذرون من الانسياق وراء هذه الإغراءات، ويؤكدون أن الحل الأمثل يكمن في التريث، ومقارنة الأسعار بين عدة متاجر، وقراءة تفاصيل العرض بدقة قبل اتخاذ قرار الشراء.
كما يشددون على ضرورة الانتباه لشروط الاسترجاع وسياسات التوصيل، إذ قد يتحول عرض مغرٍ إلى عبء إذا اكتشف المشتري لاحقًا صعوبة في إعادة المنتج أو تكاليف إضافية لم تكن واضحة مسبقًا.
وتلعب تقييمات المنتجات والمتاجر عبر المنصات الموثوقة دورًا مهمًا في توجيه المستهلك، حيث تساعد على كشف الفوارق بين العروض الحقيقية وتلك التي لا تعدو كونها حملات دعائية مبالغ فيها.
وفي هذا السياق، تسعى وزارة التجارة إلى ضبط إيقاع السوق عبر سلسلة من الضوابط النظامية التي أعلنت عنها للحد من التضليل وحماية حقوق المتسوقين.
وتبدأ هذه الضوابط بإلزام المنشآت بالحصول على ترخيص رسمي قبل الإعلان عن أي تخفيضات، في خطوة تهدف إلى ضمان الشفافية ومصداقية الحملات التسويقية.
كما تفرض الوزارة إبراز هذا الترخيص للمستهلك عبر "باركود" مخصص يمكن مسحه بسهولة للتأكد من قانونية التخفيضات وصدق نسب الخصم المعلنة.
وتشدد الضوابط على ضرورة الالتزام بالعروض الحقيقية دون تلاعب في الأسعار، مع توضيح نسبة الخصم بشكل دقيق وشفاف بعيدًا عن الأرقام المضللة.
ويُطلب كذلك من المتاجر عرض السعر قبل وبعد التخفيض بشكل واضح، بما يتيح للمستهلك مقارنة عادلة وفهمًا كاملاً لقيمة العرض.
وتلزم الضوابط بالإفصاح عن سياسات الاستبدال والاسترجاع بشكل صريح، إضافة إلى الالتزام بضمانات الشركات الصانعة، بما يعزز ثقة المستهلك في المنتجات.
كما تمتد التعليمات إلى ممارسات الإعلان الإلكتروني، حيث يُشترط التقيد بضوابط واضحة تمنع نشر إعلانات خادعة أو استخدام عبارات توحي بميزات غير موجودة.
وأخيرًا، تؤكد الوزارة على أهمية تمكين المستهلك من حرية الاختيار دون إلزامه بعروض معينة، مع استمرار جولاتها الرقابية لضبط المخالفات والتأكد من حماية السوق من أي ممارسات تضر بثقة المتسوقين.
هذه الإجراءات تأتي في إطار رؤية المملكة لتعزيز الشفافية في السوق المحلي، بما يعكس طموحها في بناء بيئة تسوق عادلة وآمنة تحفز المنافسة وتدعم الثقة بين المستهلك والتاجر.