يعيش نادي الاتحاد السعودي واحدة من أكثر فتراته توترًا في السنوات الأخيرة، بعدما باتت القاعدة الفرنسية التي قادت الفريق إلى المجد الموسم الماضي مهددة بالانهيار، وذلك بعد سلسلة من الضربات القوية التي تلقاها من غريمه النصر ومن داخل أسواره أيضًا.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
البداية جاءت حينما لعب النجم الفرنسي كريم بنزيما دورًا محوريًا في استقدام المدرب لوران بلان لقيادة الفريق، بالإضافة إلى إقناع مواطنه الجزائري الفرنسي الأصل حسام عوار بالانضمام، ليشكلا معًا معالم مشروع أوروبي الطابع داخل قلعة العميد.
انضمام عوار منح الاتحاد لاعب وسط قادرًا على صناعة الفارق بتمريراته الحاسمة، فيما شكل الفرنسي نجولو كانتي صمام الأمان وركيزة بدنية لا غنى عنها، بما امتلكه من قدرة على افتكاك الكرات والانطلاقات السريعة التي تربك الخصوم.
ولم يتوقف الحضور الفرنسي عند هذا الحد، إذ أضاف موسى ديابي لمسة هجومية مميزة قادمًا من أستون فيلا، ليشكل مع بنزيما والهولندي بيرجوين مثلثًا هجوميا ضاربًا بث الرعب في دفاعات الأندية السعودية.
هذه التوليفة الفرنسية قادت الاتحاد لتحقيق ثنائية الدوري وكأس خادم الحرمين الشريفين في الموسم الماضي، لتمنح النادي إنجازًا تاريخيًا في حقبة الاحتراف، غير أن الموسم الجديد حمل معه انعطافة حادة.
الضربة الأولى جاءت من قرار إقالة المدرب لوران بلان، الذي رحل بعد سبع مباريات فقط رغم تحقيقه ثلاثة انتصارات في أربع مواجهات بالدوري، وذلك مباشرة بعد السقوط أمام النصر بهدفين دون رد.
الإقالة لم تكن صادمة فقط لسرعتها، بل لأنها جاءت رغم حصول بلان على جائزة أفضل مدرب في الدوري الموسم الماضي، متفوقًا على أسماء بارزة، وهو ما يؤكد أن الأزمة تخطت حدود النتائج إلى قناعة الجماهير بطريقة اللعب.
جماهير الاتحاد أبدت استياءها من أسلوب بلان منذ الموسم الماضي، معتبرة أن الانتصارات جاءت بأهداف متأخرة وبأداء غير مقنع، وهو ما زاد الضغط عليه مع بداية الموسم الحالي وتعدد الإخفاقات التحضيرية.
الهزيمة في السوبر السعودي أمام النصر ثم الخسارة الأولى على ملعب الفريق بعد 22 مباراة دون هزيمة، جعلت الإدارة تتخذ القرار الحاسم بإقالته، لتتصدع أولى دعائم المشروع الفرنسي.
الضربة الثانية كانت في ملف نجولو كانتي، الذي ينتهي عقده بنهاية الموسم الجاري، إذ لم تبدأ الإدارة حتى الآن مفاوضات التجديد، ما فتح الباب أمامه للتفاوض مع أندية أخرى اعتبارًا من يناير المقبل.
وكيل كانتي لم يتردد في مهاجمة الإدارة علنًا، معتبرًا أن تجاهل اللاعب وعدم تقديم عرض جديد يعد نقصًا في الاحترافية، الأمر الذي ينذر برحيل أحد أبرز أعمدة خط الوسط في حال استمر الوضع كما هو.
الملف الأكثر حساسية تمثل في أنباء عن تلقي كريم بنزيما عرضًا جادًا من البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب بنفيكا، لإعادة شراكتهما التي بدأت في ريال مدريد، وهو ما جعل المهاجم الفرنسي يفكر في العودة إلى أوروبا.
بنزيما، الذي ارتبط اسمه بمشروع الاتحاد منذ وصوله، أبدى بحسب التقارير رغبة في خوض تجربة أوروبية جديدة، خاصة في ظل عدم شعوره بالراحة الكاملة في جدة، وهو ما يزيد الشكوك حول استمراره.
إدارة الاتحاد بدورها منقسمة بين محاولة تمديد عقده لموسم إضافي، وبين الاستعداد للتخلي عنه مقابل مبلغ يتراوح بين 5 و7 ملايين يورو، ما يجعل مستقبله مفتوحًا على كل الاحتمالات.
على صعيد آخر، أشارت تقارير إلى احتمال خروج حسام عوار أيضًا، إذ بات اللاعب أقرب من أي وقت مضى للرحيل بعد مغادرة لوران بلان، الذي كان يتمسك ببقائه رغم رغبته السابقة في خوض تجربة أوروبية جديدة.
خسارة الاتحاد أمام النصر في نصف نهائي كأس السوبر زادت من التكهنات بوجود حملة لتغيير خط الوسط بالكامل، تشمل عوار وكانتي والبرازيلي فابينيو، مع بحث الإدارة عن بدائل أوروبية.
ارتبط اسم رودريجو مورينو لاعب بورتو كأحد الأهداف الرئيسية، في مؤشر واضح على رغبة الإدارة في إعادة بناء الفريق بخيارات جديدة، حتى وإن كان الثمن التخلي عن أركان القاعدة الفرنسية.
وهكذا، بعد موسم واحد فقط من قيادة الاتحاد نحو الثنائية التاريخية، باتت الركائز الفرنسية مهددة بالتفكك، في مشهد يعكس سرعة التحولات داخل كرة القدم السعودية تحت ضغط المنافسة الشرسة بين الأندية الكبرى.
النصر، الذي كان الخصم المباشر في أغلب هذه المحطات، لعب دورًا كبيرًا في إحداث هذا الشرخ، سواء عبر الفوز في المباريات الحاسمة أو عبر تحريك المياه الراكدة في الاتحاد، ليجد العميد نفسه أمام لحظة مفصلية في تاريخه القريب.