أصدرت الهيئة العامة للإحصاء اليوم الثلاثاء نشرة إحصاءات سوق العمل للربع الثاني من عام 2025، حيث أظهرت نتائجها استمرار الاستقرار النسبي في مؤشرات البطالة والمشاركة في القوى العاملة، وسط تفاوت واضح بين الذكور والإناث، وكذلك بين الفئات العمرية المختلفة في المملكة.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وبحسب النشرة، بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة (للسعوديين وغير السعوديين) 67.1%، بينما سجّل معدل البطالة الإجمالي 3.2%، وهو مؤشر يعكس درجة من التوازن في سوق العمل رغم التغيرات الاقتصادية المستمرة.
أما بالنسبة للسعوديين فقط، فقد بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة 49.2%، فيما سجّل معدل البطالة 6.8%، مما يعني وجود تحسن سنوي طفيف، لكنه يقابله تراجع في معدل المشاركة مقارنة بالفترات السابقة.
وأوضحت البيانات أن معدل مشاركة الذكور السعوديين في القوى العاملة بلغ 64.0%، مقابل 4.3% لمعدل البطالة في صفوفهم، وهو ما يُعد أدنى من المتوسط الوطني، ويُشير إلى استمرار هيمنة الذكور على سوق العمل المحلي.
في المقابل، بلغت نسبة مشاركة السعوديات في القوى العاملة 34.5%، بينما بلغ معدل البطالة بينهن 11.3%، ما يدل على استمرار التحديات التي تواجهها النساء رغم المبادرات الداعمة لتمكين المرأة المهني في إطار رؤية السعودية 2030.
وكشفت الإحصاءات عن فجوة واضحة بين الذكور والإناث ضمن الفئة العمرية الشابة (15 - 24 سنة)، حيث بلغ معدل المشتغلات من السعوديات 13.8% فقط، مقارنة بـ28.0% للشباب الذكور، مما يعكس محدودية الفرص المتاحة للفتيات في هذه المرحلة المبكرة من الحياة العملية.
أما على مستوى المشاركة في القوى العاملة ضمن نفس الفئة العمرية، فقد بلغت 17.4% للفتيات، مقابل 31.6% للذكور، في إشارة إلى الفارق في الاندماج بسوق العمل منذ سن مبكرة.
وفي الفئة العمرية (25 - 54 عامًا)، وهي الفئة الأساسية في سوق العمل، أظهرت النتائج أن معدل المشتغلين إلى السكان بلغ 63.3%، فيما بلغ معدل المشاركة في القوى العاملة 67.3%، مع معدل بطالة قدره 5.9%.
ويعكس هذا التوزيع وجود كتلة نشطة من القوى العاملة السعودية في سن العمل الفعلي، إلا أن نسبة البطالة ضمن هذه الفئة تشير إلى فجوة قابلة للمعالجة عبر سياسات توظيف أكثر فاعلية.
أما من حيث أساليب البحث عن عمل، فقد بيّنت النشرة أن 72.4% من الباحثين عن عمل يلجؤون إلى التقدم المباشر إلى أصحاب العمل، مما يُبرز الاعتماد التقليدي على العلاقات المباشرة في عملية التوظيف.
وجاء استخدام المنصة الوطنية الموحدة للتوظيف "جدارات" في المرتبة الثانية بنسبة 56.3%، وهو ما يدل على تنامي الثقة في الحلول الرقمية الحكومية لدعم التوظيف وربط الباحثين عن عمل بالفرص المناسبة.
كما أظهرت البيانات أن 50.5% من الباحثين يلجؤون إلى سؤال الأصدقاء أو الأقارب، في مؤشر على استمرار تأثير العلاقات الاجتماعية في حركة التوظيف داخل المجتمع السعودي.
وتعكس هذه النتائج تنوع الوسائل المستخدمة في البحث عن العمل، لكنها تشير أيضًا إلى ضرورة تعزيز كفاءة القنوات الرسمية وتحفيز أصحاب العمل على الانخراط بشكل أوسع في منصات التوظيف الوطنية.
وتؤكد الإحصاءات الحاجة إلى تكثيف الجهود نحو رفع نسبة المشاركة الاقتصادية، خاصة بين النساء والشباب، من خلال التدريب، والتأهيل، وربط مخرجات التعليم باحتياجات السوق.
كما تُبرز البيانات أهمية استمرار تطوير البرامج الموجهة للفئات الشابة، بما يضمن دمجهم في سوق العمل في وقت مبكر، والحد من الفجوات بين الجنسين في فرص التوظيف.
وتتسق نتائج هذا التقرير مع التوجه العام لرؤية 2030، التي تستهدف رفع مشاركة السعوديين، خصوصًا النساء، في مختلف القطاعات، وتطوير سوق العمل ليكون أكثر ديناميكية وشمولًا.
في ظل هذه المؤشرات، تبقى التحديات قائمة في مواءمة السياسات مع الواقع المتغير، وضمان شمول أكبر لفئات المجتمع ضمن النشاط الاقتصادي، بما يعزز من النمو والاستدامة الاقتصادية.