وقّعت أرامكو السعودية اتفاقية تطوير مشتركة مع شركة هانيويل وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كاوست، بهدف ابتكار تقنية جديدة لتحويل النفط الخام مباشرة إلى مواد كيميائية، وهو مشروع يرسخ مكانة المملكة كقوة رائدة في مجال البتروكيميائيات والتكرير والتسويق، ويعزز جهودها في استثمار التقنيات الحديثة لدعم الاقتصاد الوطني.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
يركز التعاون على تطوير عمليات متقدمة لتحويل النفط الخام بالكامل إلى مواد كيميائية ذات قيمة عالية، مثل الأوليفينات الخفيفة، التي تشهد طلبًا عالميًا متزايدًا، ما يسهم في خفض التكاليف الرأسمالية والتشغيلية، وزيادة كفاءة استغلال الموارد الطبيعية.
وتعتمد التقنية الجديدة على نهج يرفع من القيمة المستخرجة من كل برميل نفط خام، ويقلل من الفاقد، ويعزز الاستفادة من الكربون، مما يجعل العملية أكثر جدوى اقتصادية، وأكثر توافقًا مع معايير الاستدامة العالمية التي تستهدفها الصناعة في المستقبل القريب.
ويأتي هذا التعاون متماشيًا مع أهداف رؤية المملكة 2030، التي تركز على التنوع الاقتصادي، وتعزيز الابتكار، وبناء القدرات الوطنية في المجالات العلمية والتقنية، بما يسهم في تحويل المملكة إلى مركز عالمي للطاقة والبتروكيميائيات.
كما يفتح المشروع آفاقًا جديدة أمام القطاع الصناعي، من خلال الجمع بين الخبرات الصناعية العميقة لشركة أرامكو وهانيويل، والقدرات البحثية المتميزة لجامعة كاوست، ما يعزز فرص تطوير ابتكارات عالية الأثر على المستوى المحلي والدولي.
وأكد النائب الأعلى للرئيس للتنسيق والإشراف التقني في أرامكو السعودية، علي بن عبدالله المشاري، أن هذه الشراكة تمثل خطوة محورية نحو إعادة صياغة مستقبل قطاع البتروكيميائيات، موضحًا أن الشركة تسعى من خلالها إلى رفع كفاءة الطاقة، وتحقيق قيمة أكبر من النفط الخام، بما يتماشى مع التحولات العالمية نحو منتجات كيميائية أنظف وأكثر كفاءة.
وأشار المشاري إلى أن هذه المبادرة تدعم التوجه السعودي نحو اقتصاد أكثر استدامة، كما أنها تفتح المجال أمام تطبيق حلول مبتكرة قادرة على خلق قيمة طويلة الأمد للمجتمع والمستثمرين، إضافة إلى المساهمة في حماية البيئة.
من جانبه، أوضح رئيس شركة هانيويل يو أو بي، راجيش جاتوبالي، أن الاتفاقية تمثل محطة بارزة في التعاون مع أرامكو وكاوست، مؤكداً أن الشركة تمتلك خبرة واسعة في تطوير وتوسيع نطاق العمليات التحفيزية، وهو ما يمنحها القدرة على تحويل هذا الابتكار إلى نجاح تجاري عالمي.
وأضاف جاتوبالي أن التقنية الجديدة ستساعد المملكة على تعزيز موقعها التنافسي في سوق المواد الكيميائية، كما ستسهم في خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وهو ما ينسجم مع الجهود العالمية الرامية إلى التحول نحو صناعات أكثر استدامة.
وتبرز أهمية جامعة كاوست في هذا التحالف من خلال دورها في رفد المشروع بخبرات بحثية متقدمة، حيث تعمل على ربط الدراسات التطبيقية بالاحتياجات الصناعية الفعلية، ما يعزز سرعة الوصول إلى مرحلة الجاهزية التقنية.
وأكد النائب الأعلى للرئيس لمعهد التحول الوطني في كاوست، الدكتور إيان كامبل، أن الجامعة تدرك أهمية تحويل الأبحاث العلمية إلى حلول صناعية عملية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يمثل نموذجًا ناجحًا لتكامل الأدوار بين القطاع الأكاديمي والقطاع الصناعي.
وبيّن كامبل أن المشروع لا يقتصر على خدمة السوق السعودي فقط، بل يتطلع إلى أن يكون رافدًا لصناعة البتروكيميائيات العالمية، وأن يساهم في تلبية الطلب المتزايد على المواد الكيميائية عالية الكفاءة.
وتعد هذه الخطوة امتدادًا لاستراتيجية أرامكو الرامية إلى تعزيز قدراتها في مجال الكيميائيات، بما يتجاوز حدود إنتاج الطاقة التقليدية، نحو تطوير تقنيات مستقبلية ذات مردود اقتصادي واستدامة بيئية عالية.
كما يعكس المشروع حرص هانيويل على توسيع حضورها في السوق السعودي، عبر تقديم حلول مبتكرة تدعم متطلبات الصناعة الوطنية، وتدفع بمستوى التنافسية إلى آفاق أوسع على الصعيد العالمي.
في الوقت نفسه، يُنتظر أن يسهم التعاون مع كاوست في رفع مستوى الكفاءات الوطنية، من خلال إشراك الباحثين والطلاب في مشاريع بحثية تطبيقية، ما يعزز قدراتهم، ويجعلهم جزءًا من مسيرة التحول الصناعي للمملكة.
وتعكس هذه المبادرة أهمية الشراكات بين المؤسسات الصناعية والأكاديمية، حيث يوفر الجمع بين الخبرة العملية والبحث العلمي أرضية صلبة لتسريع الابتكارات وتحويلها إلى تطبيقات عملية ذات أثر مباشر.
ومع تزايد التحديات المرتبطة بتقلبات أسواق الطاقة والبحث عن حلول مستدامة، يظهر هذا التعاون كنموذج بارز لاستثمار الابتكار في مواجهة تلك التحديات، وتحويلها إلى فرص اقتصادية وتقنية واعدة.
وتؤكد الاتفاقية أن المملكة ماضية بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها العالمية، ليس فقط كمصدر للطاقة التقليدية، بل كقوة مؤثرة في صناعة البتروكيميائيات المتقدمة، وهو ما يتوافق مع طموحاتها المستقبلية ورؤيتها الاستراتيجية.
وتبقى هذه الشراكة الثلاثية بين أرامكو وهانيويل وكاوست نموذجًا على قدرة المملكة على الجمع بين الرؤية الاستراتيجية، والتطبيق العملي، والابتكار العلمي، بما يعزز موقعها الريادي على الساحة الدولية.