يبدو أن نادي الاتحاد السعودي يعيش مرحلة انتقالية جديدة بعد إقالة الفرنسي لوران بلان، حيث بات البرتغالي سيرجيو كونسيساو على أعتاب تولي قيادة الفريق في خطوة لفتت أنظار الشارع الرياضي السعودي والخليجي، خاصة أن المدرب البرتغالي يُعد من أبرز الأسماء الأوروبية خلال العقد الأخير.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
القرار الاتحادي جاء في توقيت حساس، بعد سلسلة من النتائج السلبية التي أضرت بمسيرة الفريق محليًا وقاريًا، ما جعل الإدارة تسارع للاتفاق مع مدرب صاحب خبرة أوروبية كبيرة قادر على التعامل مع النجوم الكبار الموجودين في صفوف "العميد".
كونسيساو، الذي يبلغ من العمر خمسين عامًا، بدأ مسيرته التدريبية قبل أكثر من عقد ونصف، وحقق خلالها قفزات لافتة، كانت أبرزها مع بورتو البرتغالي، حيث صنع لنفسه مكانة مرموقة كأحد أنجح المدربين في تاريخ النادي الحديث.
قاد المدرب البرتغالي بورتو بين عامي 2017 و2024، وخلال تلك الفترة هيمن على الكرة المحلية في البرتغال، بعدما حصد ثلاثة ألقاب دوري، وثلاثة ألقاب لكأس البرتغال، وثلاثة ألقاب للسوبر البرتغالي، وهو ما جعله يحظى بسمعة كبيرة في أوروبا.
إحصائيًا، أشرف كونسيساو على 372 مباراة مع بورتو، حقق الفوز في 268 منها، وتعادل في 49 لقاء، بينما خسر 55 مواجهة فقط، كما سجّل فريقه معه أكثر من 800 هدف، وهو رقم يعكس النزعة الهجومية التي تميز أسلوبه.
بعد حقبته الناجحة في البرتغال، انتقل إلى تجربة مختلفة مع ميلان الإيطالي موسم 2024-2025، ورغم نجاحه في التتويج بلقب السوبر الإيطالي، إلا أن مشواره مع الروسونيري لم يكن ثابتًا، حيث أنهى الدوري في المركز الثامن، وخسر نهائي الكأس أمام بولونيا.
خروج كونسيساو من ميلان جاء سريعًا بعد موسم واحد فقط، لكنه ترك بصمته على أسلوب لعب الفريق الإيطالي، إذ حاول المزج بين الانضباط الدفاعي والسرعة في التحولات الهجومية، رغم أن النتائج لم تساعده على الاستمرار.
اليوم يجد المدرب البرتغالي نفسه أمام تحدٍ جديد، حيث يخوض أول تجربة تدريبية له خارج القارة الأوروبية، مع فريق يضم أسماءً لامعة يتقدمها كريم بنزيما ونغولو كانتي وفابينيو، إضافة إلى لاعبين يعرفهم جيدًا مثل دانيلو بيريرا وروجر فيرنانديز.
إدارة الاتحاد تراهن على شخصية كونسيساو القوية وقدرته على فرض الانضباط في غرفة الملابس، خاصة بعد أن واجه الفريق في الفترة الأخيرة بعض الأزمات الداخلية وتراجع مستوى الأداء رغم امتلاك كوكبة من النجوم.
ومن المقرر أن يبدأ مشواره رسميًا مع "العميد" في مواجهة الفيحاء يوم 17 أكتوبر ضمن الجولة الخامسة من دوري روشن، وهي المباراة التي ستكشف ملامح فلسفته التدريبية مع بطل النسخة الماضية.
كما أن القرعة وضعت الاتحاد في مواجهة نارية أمام النصر بقيادة جورجي جيسوس، في ثمن نهائي كأس الملك يوم 25 أكتوبر، لتكون أولى امتحاناته الكبرى أمام فريق مدجج بالنجوم ويقوده مدرب من بلده.
تأتي هذه الخطوة بعد موسم مميز للاتحاد في 2024-2025، حين توج بلقبي الدوري وكأس الملك، لكن الانطلاقة المتعثرة هذا العام أظهرت الحاجة إلى تغيير فني يعيد الفريق إلى دائرة المنافسة القارية.
غياب كريم بنزيما بسبب الإصابات كان من العوامل المؤثرة في تراجع النتائج، إذ غاب النجم الفرنسي عن نصف مباريات فريقه تقريبًا هذا الموسم، ما جعل الهجوم يفتقد للحسم والفاعلية.
الإدارة المؤقتة بقيادة حسن خليفة لم تستطع قلب الموازين، حيث واصل الفريق نتائجه السلبية في دوري أبطال آسيا بخسارة أمام شباب الأهلي، ما عجّل من قرار البحث عن مدرب عالمي جديد.
الشارع الاتحادي يترقب الآن ما سيقدمه كونسيساو، خصوصًا أن الجماهير تطالب بعودة الفريق إلى مستوياته المعهودة، وعدم الاكتفاء بالوجود المحلي فقط، بل المنافسة بقوة على لقب دوري أبطال آسيا للنخبة.
المدرب البرتغالي يمتلك سجلًا مميزًا في صناعة الفرق الصلبة تكتيكيًا، وسبق أن أشرف على أسماء بارزة في أوروبا، ما يعزز الآمال بقدرته على التعامل مع النجوم الكبار في الاتحاد دون مشاكل.
التحدي الأكبر بالنسبة له سيكون التأقلم السريع مع طبيعة الدوري السعودي، والقدرة على إدارة ضغط المباريات المتقارب، إضافة إلى التعامل مع تطلعات جماهير الاتحاد المعروفة بحماسها الكبير.
وفي حال نجح في فرض شخصيته وتحقيق بداية قوية، فإن الاتحاد قد يستعيد بريقه سريعًا، ويواصل مشروعه الذي يتماشى مع طموحات الرياضة السعودية ورؤية 2030 في جعل الدوري السعودي وجهة بارزة لأبرز نجوم ومدربي العالم.
هكذا، يدخل سيرجيو كونسيساو مغامرة جديدة تحمل الكثير من التحديات والآمال، ليكتب فصلًا جديدًا في مسيرته التدريبية، وليمنح "العميد" فرصة لاستعادة هيبته محليًا وقاريًا.