بدأت السعودية رسميًا أولى خطواتها التفاوضية مع رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم "لا ليغا"، في خطوة تهدف إلى استضافة وتنظيم عدد من مباريات المسابقة على أراضيها خلال الفترة المقبلة، في إطار توجه المملكة لتوسيع استثماراتها في مجال الترفيه والرياضة ضمن رؤية 2030.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وجاء الإعلان عبر رئيس الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ الذي أكد في حديث متلفز أن الرياض دخلت مرحلة المفاوضات الفعلية مع مسؤولي الليغا، مشيرًا إلى أن التفاصيل النهائية لم تُحسم بعد، وأن هناك دراسة جارية لاختيار المواجهة المناسبة بين الأندية الإسبانية الكبرى.
الخطوة السعودية تأتي في وقت تشهد فيه الكرة الأوروبية جدلًا واسعًا حول فكرة نقل المباريات المحلية إلى خارج القارة، إذ أثارت رابطة الليغا مؤخرًا موجة اعتراضات عندما حاولت إقامة مباراة برشلونة أمام فياريال في مدينة ميامي الأمريكية.
ورفض عدد من الأندية الإسبانية الكبرى وعلى رأسها ريال مدريد تلك الفكرة بشكل قاطع، معتبرين أن إقامة أي مباراة خارج إسبانيا يخل بمبدأ تكافؤ الفرص ويضرب خصوصية المنافسة المحلية التي يجب أن تبقى داخل حدود البلاد.
في المقابل، ترى رابطة الدوري الإسباني أن توسيع انتشار المسابقة عالميًا من شأنه أن يرفع من قيمتها التسويقية والمالية، خصوصًا في ظل المنافسة الشرسة مع الدوريات الأوروبية الأخرى التي تسعى بدورها للوصول إلى جماهير جديدة حول العالم.
وأكد آل الشيخ أن موسم الرياض سيشهد استضافة مجموعة من الأحداث الرياضية العالمية المتنوعة، مشيرًا إلى أن الاهتمام لا يقتصر على كرة القدم فقط، بل يشمل ألعابًا مثل الملاكمة والبادل والتنس وكرة القدم الأمريكية.
وأوضح أن تنظيم مباراة من الدوري الإسباني سيكون حدثًا استثنائيًا يعزز مكانة المملكة كوجهة رياضية عالمية، ويضيف بعدًا جديدًا لموسم الرياض الذي أصبح منصة تجمع بين الثقافة والترفيه والرياضة في آن واحد.
وأشار رئيس الهيئة العامة للترفيه إلى أن المفاوضات لا تزال في مراحلها الأولى، وأن الهدف هو الوصول إلى صيغة توافقية تحظى بقبول الأطراف كافة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا".
من جانب آخر، أبدى الاتحاد الأوروبي تحفظه الكبير على فكرة نقل مباريات الدوريات المحلية إلى خارج أوروبا، مؤكدًا أن مثل هذه الخطوات تتعارض مع لوائح البطولات المحلية المعتمدة من الاتحاد.
ويرى مراقبون أن موقف يويفا الرافض يجد دعمًا واسعًا من جماهير الأندية الأوروبية التي تعتبر إقامة المباريات داخل ملاعبها جزءًا من هوية المنافسة ومن ارتباطها العاطفي بالفريق.
وفي سياق متصل، تحاول رابطة الدوري الإيطالي السير على خطى نظيرتها الإسبانية، حيث تدرس تنظيم مباراة بين ميلان وكومو في أستراليا خلال فبراير المقبل، إلا أنها لم تحصل بعد على الموافقات النهائية من الجهات المعنية.
ويُعد هذا التوجه من الدوريات الأوروبية الكبرى محاولة لتعزيز حضورها الإعلامي والاقتصادي في أسواق جديدة، في ظل النمو المتزايد لشعبية كرة القدم الأوروبية في آسيا وأمريكا الشمالية.
وتسعى هذه الخطط إلى تحويل المباريات إلى أدوات تسويق عالمية تُروّج لثقافة الدوريات وتجذب الرعاة والمستثمرين الجدد، لكنها تواجه عقبة القوانين التنظيمية التي لا تزال متحفظة على فكرة إخراج المنافسات المحلية من إطارها الجغرافي.
في المقابل، تبدو السعودية في موقع مميز لاستضافة مثل هذه الأحداث، بفضل بنيتها التحتية الرياضية المتطورة، واستضافتها السابقة لبطولات كبرى مثل السوبر الإسباني والإيطالي ومنافسات الملاكمة العالمية.
ويرى محللون أن نجاح المملكة في إبرام اتفاق رسمي مع رابطة الليغا لاستضافة مباراة رسمية، سيشكل نقلة نوعية في سجلها الرياضي، ويضعها في صدارة الدول التي تجمع بين الاستثمار الرياضي والترويج الثقافي.
كما يمكن أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام مزيد من التعاون بين السعودية والدوريات الأوروبية، سواء من خلال استضافة مباريات استعراضية أو معسكرات تدريبية للأندية الكبرى خلال فترات التوقف.
ويعتقد خبراء الرياضة أن مثل هذه الشراكات ستسهم في تطوير الكرة السعودية، من خلال تبادل الخبرات الفنية والإدارية، فضلًا عن رفع مستوى التنافسية وجذب المواهب العالمية إلى الملاعب المحلية.
في النهاية، يبقى نجاح المفاوضات رهينًا بالتوافق بين الجهات المعنية كافة، إلا أن مجرد دخول السعودية في حوار رسمي مع الليغا يعكس الثقة العالمية المتزايدة في قدرتها على تنظيم أحداث رياضية بمستوى عالمي.
وتؤكد هذه الخطوة أن المملكة ماضية في طريقها لتصبح مركزًا رياضيًا عالميًا، يجمع بين الترفيه والاستثمار ويعزز مكانتها ضمن خارطة الرياضة الدولية الحديثة.