مانشيني
"هيرفي رينارد" يكرر خطأ "مانشيني".. والنتائج تُفاجئ جماهير السعودية!
كتب بواسطة: سلوى سعيد |

في مونديال قطر 2022، سطر المنتخب السعودي واحدة من أعظم المفاجآت في تاريخ كأس العالم، حين أسقط الأرجنتين المرشحة للتتويج باللقب، في مباراة لا تُنسى أعادت تعريف الشجاعة الكروية، وأثبتت أن الإصرار يمكن أن يهزم الفوارق الفنية.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

ذلك الانتصار التاريخي لم يكن مجرد فوز على الورق، بل كان إعلانًا عن ولادة هوية جديدة لكرة القدم السعودية، هوية تقوم على الجرأة والروح القتالية والقدرة على مجاراة كبار العالم بثقة لا تهتز، وهو ما جعل العالم يقف احترامًا لـ"الأخضر".

ورغم أن المنتخب ودع البطولة من الدور الأول بعد خسارتيه أمام بولندا والمكسيك، إلا أن صور لاعبيه الذين قاتلوا أمام ميسي ورفاقه ظلت راسخة في ذاكرة الجماهير، كرمز لحقبة جديدة من الطموح السعودي.

لكن هذه الحقبة شهدت تحوّلًا كبيرًا بعد رحيل الفرنسي هيرفي رينارد في مارس 2023، إذ ترك مكانه لروبرتو مانشيني، المدرب الإيطالي الذي حمل معه سمعة كبيرة بعد فوزه ببطولة أوروبا مع "الآتزوري".

غير أن التجربة السعودية لم تكن امتدادًا لذلك النجاح الأوروبي، إذ بدا مانشيني بعيدًا عن فهم طبيعة "الأخضر" وروحه، فأعاد تشكيل الفريق بأسلوب دفاعي غريب عن طبيعته الهجومية.

فمنذ حقبة إنتر ميلان ومانشستر سيتي، وحتى تجربته الأخيرة مع إيطاليا، كان مانشيني يعيش على فترات قصيرة من النجاح تليها إخفاقات متكررة، ليتحول تدريبه للسعودية إلى مغامرة فقدت ملامحها سريعًا.

فشل مانشيني في الحفاظ على هوية المنتخب السعودي التي صنعها رينارد، إذ تحول الفريق من خصم مبادر إلى كتيبة حذرة تفضل التراجع، فاختفت الجرأة التي صنعت مجده في المونديال، وحلت محلها حسابات مفرطة في الحذر.

أرقام مانشيني تكشف بوضوح عمق الأزمة، فالفريق استقبل 22 هدفًا في 18 مباراة، وسجل أقل من ذلك، ما يعني أنه لم ينجح لا في الدفاع ولا في الهجوم، بل خسر توازنه تمامًا.

وكان سالم الدوسري المثال الأوضح على ذلك التراجع، فبعد أن كان رمزًا للتألق في قطر، تحول إلى لاعب محدود الأثر، مسلوب الثقة، بسبب تكبيله بأدوار دفاعية أفقدته بريقه وقدرته على التسجيل.

رحيل مانشيني منح الجماهير بصيص أمل بعودة هيرفي رينارد، الذي صنع مجد "الأخضر" في المونديال، لكن العودة لم تكن كما توقع الكثيرون، إذ بدا أن المدرب الفرنسي فقد شجاعته الأولى، وبدأ يكرر أخطاء سلفه.

رينارد، الذي اشتهر بجرأته الهجومية، صار أكثر تحفظًا، معتمدًا على الدفاع والمرتدات، حتى أمام منتخبات أضعف مثل هايتي وترينيداد وتوباغو، ما جعل الأداء يفتقر إلى الحيوية المطلوبة.

ففي بطولة الكأس الذهبية الأخيرة، اكتفى المنتخب السعودي بهدفين فقط في أربع مباريات، بينما تلقت شباكه خمسة، وهو رقم يعكس غياب الفاعلية على الطرفين.

تكررت المعاناة نفسها في المباريات الودية، حيث سجل "الأخضر" 18 هدفًا فقط في 16 مواجهة، وهو معدل ضعيف جدًا لفريق يطمح للعودة إلى المونديال بثقة.

المؤشر الأكثر وضوحًا على خوف رينارد من المغامرة كان تهميشه للظهير الهجومي سعود عبدالحميد، الذي يُعد أحد أبرز اللاعبين القادرين على صناعة الفارق في التقدم والاختراق.

استبعاد عبدالحميد من معسكر سبتمبر أثار دهشة الجماهير، خصوصًا أن قدراته الهجومية كانت سلاحًا ناجعًا في فترة التألق السابقة، لكن المدرب فضل عليه عناصر دفاعية بحتة.

غير أن استدعاء اللاعب مجددًا في معسكر أكتوبر لمواجهتي إندونيسيا والعراق أعاد الأمل إلى المشهد، وفتح الباب أمام عودة أسلوب اللعب الهجومي الذي ميّز المنتخب في عهد رينارد الأول.

المدرب الفرنسي يدرك أن الوقت لم يعد يسمح بالتجريب، وأن طريق المونديال يمر عبر الشجاعة لا التحفظ، عبر المبادرة لا الانتظار، وعبر امتلاك الكرة لا الهروب منها.

فالسعودية، بتاريخها وإمكاناتها وطموحها، لا يمكن أن تكتفي بلعب الأدوار الدفاعية، بل يجب أن تفرض شخصيتها وتهاجم بثقة، مستعيدة بذلك جوهرها الحقيقي الذي أبهر العالم في 2022.

ولذلك، فإن السلاح الوحيد الذي قد يعيد "الأخضر" إلى المونديال هو العودة إلى روح الجرأة الأولى، حين آمن اللاعبون بأنهم قادرون على هزيمة أي خصم، مهما كان اسمه أو تاريخه.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار