الأمن الغذائي
"وزارة البيئة والمياه والزراعة" تكشف كواليس التحول الزراعي الأكبر في تاريخ المملكة
كتب بواسطة: عبدالرحمن الباشا |

تحقق المملكة طفرة زراعية غير مسبوقة مع نجاحها في رفع إنتاجية الطماطم إلى 99 كيلوجرامًا للمتر المربع الواحد، وذلك بفضل اعتمادها على تقنيات حديثة تقلص استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالأساليب التقليدية، ما يمثل إنجازًا استراتيجيًا في مسار الأمن الغذائي الوطني.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

هذا التحول يقوده نهج شامل تتبناه وزارة البيئة والمياه والزراعة، التي تعمل على توطين أحدث التقنيات الزراعية لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتقليل الاعتماد على الواردات، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية الثمينة التي تعد ركيزة أساسية لرؤية المملكة 2030.

ورغم أن المملكة تقع في نطاق مناخي جاف، إلا أن بيئتها الصحراوية تحولت إلى منصة عالمية للابتكار الزراعي، إذ أصبحت التجارب المائية والعمودية والبيوت المحمية عالية التقنية جزءًا من مشهد جديد يغيّر قواعد اللعبة في إنتاج الغذاء.

وتشير نتائج هذه التقنيات المتقدمة إلى قدرتها على إنتاج أغذية صحية وآمنة، مع خفض استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الضارة، ما يسهم في تقليل الأثر البيئي وتحسين جودة الحياة في المجتمعات الزراعية.

كما تؤدي هذه التقنيات دورًا مهمًا في مواجهة تحديات التغير المناخي، عبر ترشيد استهلاك المياه والطاقة، ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي دون الإضرار بالنظم البيئية المحلية.

ويعكس وضع حجر الأساس لمشروع الزراعة الذكية في الرياض تطبيقًا عمليًا لهذه الرؤية، حيث من المتوقع أن يصبح المشروع نموذجًا إقليميًا يحتذى به في الابتكار الزراعي المستدام على مستوى الشرق الأوسط.

وتستند المملكة اليوم إلى منظومة من الحلول العلمية، أبرزها الزراعة المائية التي أثبتت كفاءتها في تقليل المياه بنسبة ضخمة، والزراعة العمودية التي تمكّن من إنتاج محاصيل وفيرة في مساحات صغيرة، مما يزيد الجدوى الاقتصادية للمزارع.

وأظهرت التجارب الميدانية التي يشرف عليها مركز «استدامة» أن إنتاجية البيوت المحمية عالية التقنية فاقت كل التوقعات، إذ تجاوزت إنتاج الزراعة التقليدية بعدة أضعاف، مع استهلاك مائي محدود لا يتعدى ثلاثة لترات لكل كيلوجرام من الطماطم.

ويُعد هذا الإنجاز دليلًا على كفاءة المملكة في تسخير التكنولوجيا لتحقيق توازن بين الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد، إذ تمت مراعاة معايير الكفاءة الطاقية والاستدامة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج.

وامتدت الابتكارات لتشمل تطبيقات «النانو» في تحسين استخدام المياه بنسبة تتراوح بين 20 و30%، ما يسهم في رفع كفاءة الزراعة وتقليل الهدر إلى أدنى حد ممكن.

كما تم إدخال «المخصبات الحيوية» كبديل مستدام للأسمدة الكيميائية، لما لها من دور في تعزيز نمو النباتات وتحسين خصوبة التربة دون الإضرار بالتوازن البيئي.

وتبرز تقنية «الفحم الحيوي» كأحد الابتكارات الرائدة، إذ تسهم في تقليل الفاقد المائي الناتج عن التبخر بنسبة تصل إلى 11%، وتوفر ما يقارب 20% من مياه الري، مع زيادة الإنتاج الزراعي بنحو 37%.

وفي قطاع الأعلاف، تشهد المملكة تحولًا استراتيجيًا من خلال تبني زراعة نبات «عدس الماء» الغني بالبروتين بنسبة تفوق 40%، ما يجعله بديلاً اقتصاديًا لفول الصويا المستورد ويقلل من الضغط على الأسواق الخارجية.

كما تم التوسع في زراعة الأعلاف الموسمية خلال فصل الشتاء للاستفادة من مياه الأمطار وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية، في خطوة تعزز الاستدامة المائية وتدعم الدورة الطبيعية للزراعة.

وتسهم هذه الجهود في بناء منظومة زراعية ذكية قادرة على التكيف مع تحديات المستقبل، من خلال الجمع بين الابتكار العلمي والممارسات البيئية المسؤولة.

كما أنها تعكس نجاح المملكة في تحويل تحديات ندرة المياه إلى محفز للبحث والتطوير، ما يجعل من القطاع الزراعي أحد أعمدة الاقتصاد الأخضر الجديد.

ويؤكد هذا التحول أن الإرادة السعودية المدعومة بالمعرفة قادرة على تحقيق معادلة الأمن الغذائي والاستدامة المائية في آن واحد، لتكون المملكة نموذجًا يحتذى به عالميًا في الزراعة الذكية.

ومع استمرار هذا الزخم، يتوقع الخبراء أن تتوسع التجارب الناجحة لتشمل محاصيل أخرى، مما يعزز تنوع الإنتاج المحلي ويقوي قاعدة الاكتفاء الذاتي الغذائي خلال السنوات القادمة.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار