شهدت أسواق الذهب العالمية اليوم حالة من التراجع الطفيف بعد موجة صعود حادة أوصلت الأسعار إلى مستويات قياسية غير مسبوقة تجاوزت حاجز الأربعة آلاف دولار للأوقية، إذ أقبل المستثمرون على عمليات بيع لجني الأرباح عقب الارتفاع الكبير في الجلسة السابقة.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة (0.4%) ليصل إلى (4021.99) دولارًا للأوقية، بعد أن كان قد سجل بالأمس مستوى قياسيًا هو الأعلى في تاريخه، ما يعكس حالة من الحذر لدى المستثمرين بعد موجة مكاسب متواصلة استمرت لعدة أسابيع.
كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة (0.7%) لتسجل (4042.60) دولارًا للأوقية، في إشارة إلى احتمال دخول الأسعار مرحلة من التصحيح الفني بعد الارتفاع المفرط في قيمتها خلال الفترة الأخيرة.
ويرى محللون أن التراجع الحالي لا يشير إلى فقدان الذهب لبريقه كملاذ آمن، بل يعكس فقط رغبة المستثمرين في تثبيت أرباحهم قبل اتخاذ مراكز جديدة، خصوصًا مع التقلبات المستمرة في الأسواق العالمية.
ويُرجع الخبراء هذا الأداء إلى تراجع الطلب الفوري بعد الارتفاع التاريخي، حيث بدأ المستثمرون بتحويل بعض السيولة إلى أصول أخرى لتحقيق توازن في محافظهم الاستثمارية.
في المقابل، ما زال الذهب يحتفظ بجاذبيته مدعومًا بتوقعات استمرار السياسات النقدية المتحفظة من قبل البنوك المركزية الكبرى، إضافة إلى المخاوف الاقتصادية التي لا تزال تلقي بظلالها على الأسواق.
وبالنسبة لبقية المعادن النفيسة، فقد شهدت تحركات متباينة تعكس حالة من الترقب في الأسواق بين المستثمرين، حيث استمرت الفضة في الارتفاع الطفيف، بينما تراجعت المعادن الأخرى بنسب متفاوتة.
وسجلت الفضة في المعاملات الفورية زيادة طفيفة بنسبة (0.1%) لتصل إلى (48.91) دولارًا للأوقية، مدعومة بارتفاع الطلب الصناعي عليها، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية.
أما البلاتين فقد تراجع بنسبة (0.7%) ليسجل (1650.60) دولارًا للأوقية، متأثرًا بانخفاض الطلب من قطاع السيارات الذي يعد المستهلك الأكبر له على مستوى العالم.
كما انخفض البلاديوم بنسبة (1%) ليصل إلى (1435.25) دولارًا للأوقية، في ظل زيادة المعروض العالمي وتراجع الطلب الصناعي نسبيًا خلال الأسابيع الماضية.
ويرى محللون أن تراجع أسعار البلاتين والبلاديوم مرتبط بالتحولات في صناعة السيارات الكهربائية، التي تقل فيها الحاجة إلى استخدام هذه المعادن في أنظمة العوادم.
وفي المقابل، يتوقع محللو الأسواق أن تعود أسعار الذهب إلى الارتفاع مجددًا في حال عودة التوترات الجيوسياسية أو تباطؤ الاقتصاد العالمي، إذ يمثل المعدن الأصفر الخيار المفضل للتحوط في أوقات الأزمات.
كما تشير بعض التوقعات إلى إمكانية استقرار الأسعار فوق مستوى الأربعة آلاف دولار خلال الربع الأخير من العام، مع بقاء الطلب مرتفعًا من قبل البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد.
ويؤكد الخبراء أن أي هبوط محدود في أسعار الذهب يعد فرصة للشراء بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن الأمان طويل الأمد في ظل اضطراب أسواق الأسهم والعملات.
من جهة أخرى، تراقب الأسواق عن كثب تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث يمكن لأي تلميح بشأن السياسة النقدية المقبلة أن يؤثر مباشرة على حركة الذهب والدولار.
ويشير بعض المحللين إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية قد يضغط مؤقتًا على الذهب، لكنه لن يغير الاتجاه الصاعد طويل الأمد الذي بدأ منذ بداية العام.
في حين يعتقد آخرون أن السوق دخلت بالفعل مرحلة جديدة من التقييم، وأن الأسعار الحالية قد تشكل قاعدة قوية لموجة صعود جديدة في المستقبل القريب.
ويبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان الذهب سيستطيع الحفاظ على مكاسبه فوق مستوى الأربعة آلاف دولار أم أن التصحيحات المتتالية ستدفعه إلى التراجع المؤقت قبل العودة للارتفاع من جديد.