يشهد مركز حصامة المحازرة شمال شرق محافظة أحد المسارحة حالة من الجدل بين الأهالي وإدارة التعليم، بعد قرار نقل طلاب مدرسة البنين العريقة إلى مدرسة أبي الكزم المجاورة، وهو ما اعتبره السكان خطوة نحو إلغاء المدرسة التي يعود تاريخها إلى عام 1398هـ، أي قبل نحو 49 عامًا من العطاء التعليمي المتواصل.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

ويؤكد الأهالي أن قرار إدارة التعليم لا يقتصر على نقل الطلاب فحسب، بل يشمل أيضًا تحويل الكادر التعليمي والإداري إلى مدارس أخرى، ما يجعل المدرسة في حكم الملغاة فعليًا، خصوصًا مع التخطيط لإحلال مدرسة البنات مكانها نتيجة تردي مبناها.

ويرى السكان أن القرار الحالي لا يراعي الأهمية التاريخية والاجتماعية لمدرسة حصامة المحازرة للبنين، التي شكّلت على مدى عقود ركيزة أساسية في تعليم أبناء القرى المجاورة، مؤكدين أن إغلاقها سيترك فراغًا تربويًا كبيرًا في المنطقة.

وأشار الأهالي إلى أن فكرة الدمج مع مدرسة أبي الكزم تبدو الحل الأمثل، مقترحين تقسيم اليوم الدراسي بين المدرستين، بحيث تُستغل مرافق المدرستين دون الإضرار بحق الطلاب أو الكادر في الاستمرار بموقعهم الحالي.

وأوضحوا أن هذا النموذج مطبّق بنجاح في مدارس أخرى بالمنطقة، ويضمن استمرار العملية التعليمية دون الحاجة إلى إلغاء أي مؤسسة قائمة، وهو ما يناسب طبيعة القرى التي تتسع تدريجيًا وتحتاج إلى بقاء المدارس قريبة من أبنائها.

وشدد الأهالي على أن النقل المؤقت مقبول فقط إذا كان ضمن خطة لإصلاح مبنى البنات، أما الإلغاء الكامل لمدرسة مضى على تأسيسها نصف قرن فيعد قرارًا مؤلمًا وغير مبرر، خاصة أن مؤشرات النقل الحالية تشير إلى نية الإلغاء النهائي.

وأكدوا أن قرار نقل الكادر التعليمي والإداري يبعث برسالة سلبية، إذ يدل على أن الإجراء ليس انتقالًا مؤقتًا بل إنهاء فعلي لدور المدرسة التاريخي، وهو ما أثار مخاوفهم من فقدان هوية تعليمية ارتبطت بالمكان منذ عقود.

وطالب الأهالي وزارة التعليم بالتدخل السريع لإعادة النظر في القرار، وطرح حلول بديلة تضمن استمرار المدرسة، سواء عبر نظام التعليم المدمج أو الدراسة المسائية، بما يحقق التوازن بين احتياجات الطلاب ومتطلبات البنية التحتية.

وبيّنوا أن الوزارة كانت قد أنشأت في وقت سابق مبنى حديثًا للمدرسة، استبشر به السكان خيرًا وعدّوه نقلة نوعية، غير أن القرار الأخير بنقل الطلاب أعاد الإحباط إلى نفوسهم وأثار تساؤلات حول جدوى تلك الاستثمارات السابقة.

وأشار عدد من أولياء الأمور إلى أنهم تقدموا رسميًا إلى إدارة تعليم جازان بمقترحات عملية للحفاظ على المدرسة، تتضمن استثمار مبناها الحالي بنظام التعليم المدمج باستخدام منصة “مدرستي” أو تنظيم فترات دراسية مشتركة مع مدرسة أبي الكزم.

كما طرحوا خيار الدراسة المسائية كبديل مرن يمكن تطبيقه بسهولة، خاصة أن الطاقة الاستيعابية للمباني التعليمية المجاورة تسمح بتوزيع الفترات الدراسية دون أي عبء إضافي على الطلاب أو المعلمين.

ويرى الأهالي أن إلغاء المدرسة بعد قرابة نصف قرن من الخدمة يتنافى مع جهود وزارة التعليم الرامية لتوسيع فرص التعلم في المناطق الطرفية، مشيرين إلى أن مدرسة حصامة المحازرة كانت ولا تزال مركز إشعاع علمي للقرى المحيطة.

ويعتبرون أن الحفاظ على المدرسة هو حفاظ على تاريخ المنطقة التعليمي، إذ تخرّج فيها عشرات المعلمين والقيادات المحلية الذين ساهموا في نهضة التعليم بجازان، مما يمنحها مكانة رمزية تستحق الحماية.

وأكد بعض الأهالي أن القرار سيضطر أبناءهم إلى قطع مسافات طويلة يوميًا للوصول إلى مدارس بديلة، وهو ما يشكل عبئًا ماديًا ونفسيًا على الأسر ويعرض الطلاب لمخاطر الطرق الجبلية خصوصًا في مواسم الأمطار.

كما حذروا من أن غياب المدرسة قد يؤدي إلى عزوف بعض الأسر عن إرسال أبنائها للتعليم، خاصة في المراحل الأولى، ما قد يتسبب في زيادة نسب التسرب الدراسي في القرى البعيدة.

وأشار الأهالي إلى أن الحلول المطروحة لا تحتاج إلى موارد ضخمة، بل إلى تنسيق إداري يوازن بين متطلبات التطوير والحفاظ على استقرار التعليم، داعين إلى إشراك المجتمع المحلي في صنع القرار.

وأعربوا عن أملهم في أن تتعامل وزارة التعليم مع الملف بروح المسؤولية، وأن تعتبر مدرسة حصامة المحازرة رمزًا تربويًا يستحق الاستمرار، لا منشأة قابلة للإلغاء بمجرد ظهور مشكلة إنشائية في مبنى مجاور.

وختموا بأن صحيفة “سبق” كانت قد أثارت القضية في وقت سابق تحت عنوان “قرار مفاجئ يربك أولياء أمور حصامة المحازرة”، مؤكدين أن تناولها الإعلامي الواسع يعكس حجم القلق المجتمعي حول مصير المدرسة.