في تحذير استراتيجي يسلط الضوء على أحد أخطر التحديات الأمنية في العصر الرقمي، نبه المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال" من مخاطر استغلال التنظيمات الإرهابية لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وأوضح المركز أن العلاقة الانتهازية بين الفكر المتطرف والأدوات التقنية الجديدة، هي قصة قديمة تتكرر مع كل تقدم علمي يشهده العالم، منذ اكتشاف الديناميت وحتى يومنا هذا.
فقد استغلت هذه التنظيمات في الماضي تقنيات تحديد الإحداثيات، والاتصالات المشفرة، والآن تبلغ هذه العلاقة الخطرة ذروتها مع الثورة الهائلة التي يشهدها عالم الذكاء الاصطناعي.
وأشار "اعتدال" في تغريدة له، إلى أن الإمكانيات المتاحة حاليًا في نماذج الذكاء الاصطناعي، تسهل بشكل غير مسبوق على المتطرفين إنتاج محتوى دعائي عالي الجودة.
فبواسطة هذه الأدوات، يمكنهم إنتاج مقاطع فيديو وصوتيات ونصوص متطرفة، بلغات متعددة وبشكل متزامن، مما يجعل قدرتهم على الانتشار تتجاوز كل الحدود اللغوية والجغرافية.
وهذا الانتشار الواسع والسريع، يجعل من مهمة رصد هذا المحتوى وإغلاقه أكثر صعوبة وتعقيدًا بمراحل، مقارنة بالطرق التقليدية التي كانت تستخدم في الماضي.
كما حذر المركز من خطر آخر، يتمثل في إتاحة أكواد البرمجيات والمعارف العلمية بشكل شبه مفتوح، مما قد يتيح للتنظيمات المتطرفة القدرة على تطوير أدواتها الخاصة.
فهي قد تتمكن من إعادة برمجة بعض الأدوات الرقمية المتاحة، لتتناسب بشكل كامل مع أجندتها التخريبية، وتستخدمها في عمليات التجنيد والدعاية والتخطيط.
والأخطر من ذلك، هو إمكانية تحويل المعارف الرياضية والكيميائية المتاحة للجميع، إلى أدوات فتك وأسلحة، في حال وقعت في الأيدي الخطأ.
وأكد المركز أن الخطر الحقيقي لا يكمن في جوهر المعرفة العلمية نفسها، بل يكمن دائمًا في سوء توظيف هذه المعرفة، وتحويلها من أداة للبناء إلى أداة للهدم.
وفي مواجهة هذا التحدي المتنامي، دعا "اعتدال" المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل عاجل، لبناء منظومة من الضوابط والمعايير الدولية الصارمة.
ويجب أن تهدف هذه الضوابط إلى تحقيق توازن دقيق، بين منافع الانفتاح العلمي وحرية البحث، وبين متطلبات الأمن العالمي والحفاظ على حياة البشر.
كما دعا المركز إلى إقامة تعاون دولي ملزم، ينظم نوعية البيانات الضخمة التي يتم استخدامها لتغذية وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
ويجب أن يضع هذا التعاون الدولي معايير واضحة للمصداقية والمحتوى، للحد من تحويل هذه الإمكانيات التقنية الهائلة إلى أدوات للتضليل ونشر العنف.
إن هذا التحذير يمثل جرس إنذار للعالم بأسره، ويؤكد على أن المعركة ضد الفكر المتطرف قد انتقلت إلى ساحة جديدة وأكثر تعقيدًا، وهي ساحة الذكاء الاصطناعي.
فلم تعد المواجهة تقتصر على الجانب العسكري أو الأمني التقليدي، بل أصبحت مواجهة فكرية وتقنية، تتطلب أدوات واستراتيجيات جديدة ومبتكرة.
ويواصل مركز "اعتدال"، الذي يتخذ من الرياض مقرًا له، دوره الريادي في رصد وتحليل الفكر المتطرف، وتقديم رؤى استراتيجية لمواجهته على كافة الأصعدة.
إنها دعوة مفتوحة للجميع، من شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الحكومات والمنظمات الدولية، للعمل معًا من أجل ضمان أن تظل تقنيات المستقبل في خدمة الإنسانية، لا ضدها.