أكد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن سماء المملكة والوطن العربي ستشهد بعد منتصف ليلة الثلاثاء الرابع عشر من أكتوبر حدثًا فلكيًا مميزًا يتمثل في اقتران القمر بعنقود النثرة النجمي في مشهد يُنتظر أن يخطف أنظار عشاق الفلك.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وأوضح أبو زاهرة أن هذا الحدث يأتي ضمن سلسلة من الظواهر الفلكية التي تزين سماء المملكة خلال العام الجاري، مشيرًا إلى أن القمر سيكون في موقع قريب بصريًا من عنقود النثرة بما يكفي ليظهرا معًا داخل مجال رؤية المنظار الواحد.
وبيّن أن هذه الظاهرة تُعد من أجمل المشاهد السماوية التي يمكن متابعتها بسهولة بالعين المجردة من المناطق المظلمة، بينما ينصح سكان المدن باستخدام المناظير أو التلسكوبات الصغيرة لرؤية تفاصيل العنقود بوضوح أكبر.
وأشار إلى أن عنقود النثرة يقع ضمن كوكبة السرطان، ويُعرف منذ القدم باسم “خلية النحل” نظرًا لتشكله الذي يشبه سربًا من النحل المتطاير في الفضاء، وهو من أكثر العناقيد المفتوحة سطوعًا في السماء.
وأضاف أن العنقود يبعد عن الأرض مسافة تُقدّر بنحو 580 سنة ضوئية، ويضم أكثر من ألف نجم، من بينها حوالي 300 نجم مشابه للشمس من حيث الحجم والطيف الضوئي والحرارة السطحية.
وأوضح أن عمر هذا العنقود يقارب 600 مليون سنة، وتُقدر كتلته الإجمالية بما بين 500 و600 كتلة شمسية، ما يجعله من التجمعات النجمية الشابة نسبيًا مقارنة بعناقيد أخرى في مجرة درب التبانة.
وكشف أبو زاهرة أن الدراسات الفلكية الحديثة أثبتت وجود كواكب تدور حول نجمين على الأقل من نجوم العنقود، في اكتشاف يفتح الباب أمام فهم أفضل لتطور الكواكب في البيئات النجمية الكثيفة.
وأشار إلى أن معظم نجوم العنقود تنتمي إلى الفئات الطيفية G وK وM، وهي فئات تضم نجومًا مشابهة للشمس أو أقل حرارة منها، ما يجعل العنقود غنيًا بالأجرام المشابهة لنجم مجموعتنا الشمسية.
وبيّن أن اقتران القمر بعنقود النثرة يُعد اقترانًا ظاهريًا فقط، إذ يفصل بين الجرمين بُعد هائل يصل إلى مئات السنوات الضوئية، لكن المشهد من سطح الأرض يعطي انطباعًا بصريًا مذهلًا بمرور القمر بالقرب منه.
وأضاف أن القمر سيبدو مضيئًا إلى حدٍّ كافٍ لرؤية العنقود بجواره في الساعات الأخيرة من الليل، خاصة قبل الفجر عندما يكون مرتفعًا على الأفق الشرقي ليشكل لوحة سماوية ساحرة.
وأكد رئيس الجمعية الفلكية أن هذه الظواهر تتيح للجمهور فرصة نادرة لمراقبة السماء والتعرف على جمالياتها، كما تسهم في تعزيز الثقافة العلمية ونشر الوعي بالفلك بين فئات المجتمع.
وأوضح أن الجمعية الفلكية بجدة تعمل باستمرار على رصد وتوثيق هذه الأحداث لتقديم معلومات دقيقة لعشاق الفضاء والمهتمين بالظواهر الطبيعية في المملكة والعالم العربي.
وبيّن أن متابعة الظواهر السماوية مثل الاقترانات والعناقيد النجمية تساعد على تقريب العلوم الفلكية إلى الجمهور وتربط بين العلم والمتعة البصرية في تجربة لا تتكرر كثيرًا.
وأشار إلى أن عنقود النثرة يعتبر أكبر قليلًا من عنقود الثريا المعروف، إلا أن الأخير أقرب إلى الأرض، موضحًا أن كلاهما يُعد من أجمل التجمعات النجمية التي يمكن رؤيتها دون الحاجة لمعدات متقدمة.
وقال أبو زاهرة إن من يقف على كوكب داخل عنقود النثرة سيشاهد سماء مبهرة تتلألأ فيها آلاف النجوم القريبة، في مشهد يفوق الخيال ويكشف عن روعة التنوع الكوني في مجرتنا.
وأكد أن هذه المشاهد الفلكية تذكّر الإنسان بعظمة الخلق واتساع الكون، وتشجع على التعمق في دراسة علم الفلك باعتباره أحد العلوم التي تجمع بين الجمال والبحث العلمي الدقيق.
وأضاف أن الجمعية الفلكية بجدة تدعو الجميع إلى مراقبة هذا الحدث من أماكن مظلمة بعيدة عن أضواء المدن، للاستمتاع بأفضل رؤية ممكنة ولتوثيق التجربة عبر التصوير الفوتوغرافي الفلكي.
واختتم أبو زاهرة حديثه بالتأكيد على أن هذه الظواهر الفريدة تمثل جسورًا تربط الإنسان بالسماء، وتفتح نافذة جديدة أمام جيل الشباب لاكتشاف أسرار الكون وتنمية شغفهم بالعلوم الحديثة.