قفز سهم شركة علي بابا الصينية بأكثر من سبعة في المئة بعد إعلانها إطلاق نموذجها اللغوي الجديد «ماكس كوين 3»، الذي يُعد الأكبر في تاريخ الشركة بمجال الذكاء الاصطناعي، ما يعكس تسارع وتيرة التحول الرقمي داخل عملاق التجارة الإلكترونية الآسيوي.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ

وجاء الإعلان خلال مؤتمر أبسارا السنوي الذي نظمته «علي بابا كلاود»، حيث كشف كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة تشو جينغ رين أن النموذج الجديد يحتوي على أكثر من تريليون معلم، وهي متغيرات تحدد طريقة معالجة النظام للمعلومات واستجابته للمستخدمين.

وأوضح رين أن «ماكس كوين 3» يتمتع بقدرات متقدمة في توليد التعليمات البرمجية، كما يمتلك خاصية «الوكيل المستقل» التي تمكنه من اتخاذ قرارات ذاتية لتحقيق أهداف المستخدم دون الحاجة لتدخل بشري مستمر.

وأشار إلى أن هذا التطور يمنح النظام مرونة غير مسبوقة مقارنة بروبوتات الدردشة التقليدية مثل «تشات جي بي تي»، إذ يمكنه تحليل المهام وتنفيذها بكفاءة عالية دون أوامر تفصيلية.

وأكدت الشركة أن نموذجها الجديد خضع لاختبارات من جهات خارجية مثل معيار الأداء «تاو2-بنش»، حيث تفوق في بعض المقاييس على منافسين بارزين مثل «كلود» من شركة أنثروبيك الأمريكية و«ديب سيك في 3.1» الصيني.

ويعكس هذا الإنجاز رؤية «علي بابا» لتوسيع نطاق أعمالها بعيدًا عن التجارة الإلكترونية نحو مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، في إطار تنافس محتدم بين الشركات الصينية الكبرى لتطوير نماذج لغوية تضاهي الأمريكية.

كانت الشركة قد أعلنت في وقت سابق من العام الحالي عن خطة استثمارية ضخمة بقيمة 380 مليار يوان، أي ما يعادل 53.4 مليار دولار، موجهة للبنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ويرى خبراء أن هذا الاستثمار الضخم يمثل أحد أكبر الرهانات في السوق التكنولوجي الصيني، ويعكس قناعة «علي بابا» بأن الذكاء الاصطناعي سيصبح محورًا أساسيًا لنموها المستقبلي.

وفي كلمته خلال المؤتمر، أكد الرئيس التنفيذي للشركة إيدي وو أن «علي بابا» ستواصل ضخ مزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، من دون أن يكشف عن قيمة المبالغ الجديدة المخصصة له.

وأضاف وو أن «سرعة تطور صناعة الذكاء الاصطناعي تجاوزت توقعاتنا بكثير»، مشيرًا إلى أن الطلب المتزايد على البنية التحتية التقنية يفوق ما كانت الشركة تتوقعه في بداية العام.

وشدد على أن «علي بابا» تسعى لتوفير بيئة تكنولوجية مستدامة تدعم المطورين والمؤسسات في بناء تطبيقات ذكية أكثر استقلالية وابتكارًا خلال المرحلة المقبلة.

كما أعلنت الشركة خلال الحدث عن إطلاق نظام جديد متعدد الوسائط باسم «كوين3 أومني»، وهو مصمم لدعم تطبيقات الواقع الافتراضي والنظم الذكية مثل النظارات المتصلة وأنظمة القيادة الذاتية.

ويهدف هذا النظام إلى تعزيز التكامل بين القدرات اللغوية والرؤية الحاسوبية، ما يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المنتجات اليومية وحلول الأعمال.

ويرى محللون أن «علي بابا» بهذا الطرح تسعى لاستعادة مكانتها التنافسية أمام شركات مثل «بايدو» و«تينسنت» التي كثفت هي الأخرى جهودها في تطوير النماذج اللغوية العملاقة.

وتأتي هذه الخطوة في ظل سباق عالمي محموم لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة وواقعية، خاصة بعد النجاح التجاري الكبير الذي حققته أنظمة الدردشة التفاعلية في الغرب.

ويعتقد مراقبون أن إطلاق «ماكس كوين 3» سيساهم في إعادة تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي في آسيا، وربما يدفع بموجة جديدة من الابتكارات الصينية نحو الأسواق العالمية.

وتُعد «علي بابا كلاود» اليوم أكبر مزود لخدمات الحوسبة السحابية في الصين، ما يمنحها بنية تحتية قوية تتيح تدريب وتشغيل نماذج لغوية بهذا الحجم والقدرة.

ويُنتظر أن تُحدث هذه التطورات تأثيرًا واسعًا على مجالات التعليم، والتجارة، والخدمات الرقمية، لتجعل من «علي بابا» لاعبًا رئيسيًا في الثورة التقنية العالمية القادمة.

أما الأسواق، فقد تفاعلت بسرعة مع الإعلان، إذ ارتفع سهم الشركة في البورصة الصينية بأكثر من سبعة في المئة، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في مستقبلها التقني الجديد.