تزهو منطقة عسير بجمالها الطبيعي الفريد الذي يجمع بين تنوّع التضاريس وسحر المشاهد البحرية، فهي إحدى أبرز الوجهات السياحية في المملكة، حيث تمتد بين الجبال الشاهقة والسواحل الطويلة المطلة على البحر الأحمر، مما يمنحها طابعًا بيئيًا وسياحيًا متفردًا يجذب الزوار من مختلف أنحاء البلاد.
إقرأ ايضاً:"برنامج سكني" يكشف 4 شروط صارمة بعد تخصيص الأرض المجانية.. الشرط الأخير يُفاجئ الجميع"TREND" تختتم مشاركتها بـ"حدث استثنائي".. كواليس صفقة رقمية تفتح بابًا جديدًا للسينما السع
وتُعد سواحل عسير من أكثر المناطق تنوّعًا في المملكة، إذ تمتد لأكثر من 140 كيلومترًا على البحر الأحمر، وتشمل محافظاتٍ ومراكز عديدة مثل البرك وسعيدة الصوالحة والقحمة والحريضة وعمق، حيث تتداخل الرمال البيضاء مع المياه الفيروزية الصافية في مشهدٍ يعبّر عن نقاء الطبيعة وهدوء المكان.
تحتضن هذه السواحل بيئاتٍ طبيعيةً غنيةً بالنباتات الساحلية مثل أشجار المانغروف والنخيل والدوم، التي تضيف لمسةً جماليةً وتوازنًا بيئيًا نادرًا، ما يجعلها موئلًا مثاليًا للطيور البحرية ومصدرًا لجمالٍ بيئيٍ أصيل.
وتبرز محافظة البرك كدرّة الساحل العسيري، إذ تضم مجموعةً من الجزر البكر التي تُعد من أجمل مواقع البحر الأحمر، حيث تتنوّع تضاريسها بين الشواطئ الرملية والمياه اللازوردية والتكوينات الصخرية الفريدة.
وتتوزع جزر البرك على مسافاتٍ متفاوتة من الساحل، وتشمل جزر موقط وماركا وقطوع وجبل ذهبان وأم القشع وحضارة، بالإضافة إلى جزرٍ صغيرةٍ أخرى تشكّل منظومةً بيئيةً بحريةً متكاملة تبهج الناظرين.
وتتفاوت هذه الجزر في بعدها عن الشاطئ، فبعضها لا يبعد سوى ميلٍ بحريٍ واحد، بينما تمتد أخرى مثل جزيرة ماركا إلى نحو 12 ميلًا بحريًا، أي ما يعادل 20 كيلومترًا تقريبًا، مما يجعل الرحلات إليها تجربةً تجمع بين المغامرة والاسترخاء.
وتتميّز الجزر بتنوّعها الأحيائي الغني، إذ تُعد موطنًا للشعاب المرجانية الملوّنة التي تزيّن أعماق البحر الأحمر، وتشكل محميةً طبيعيةً للكائنات البحرية النادرة والأسماك الاستوائية.
كما تحيط بها غابات المانغروف الكثيفة التي تُعد من أبرز النظم البيئية الساحلية في عسير، وتلعب دورًا محوريًا في حماية الشواطئ ودعم التنوع الحيوي في المنطقة.
وتُعتبر هذه الجزر أيضًا محطةً مهمةً للطيور المهاجرة التي تجد فيها ملاذًا آمنًا للتكاثر والاستراحة، إلى جانب كونها بيئةً خصبةً للسلاحف البحرية التي تضع بيضها على شواطئها الرملية الهادئة.
ويمتزج في جزر البرك سحر الطبيعة البكر مع صفاء البحر في لوحةٍ بصريةٍ تأسر القلوب، مما يجعلها وجهةً مثاليةً لعشاق التصوير الفوتوغرافي والرحلات الاستكشافية.
وتُعد هذه الجزر بيئةً مميزةً لممارسة الأنشطة البحرية مثل الغوص السطحي والحر، والتجديف، والرحلات بالقوارب الصغيرة، حيث يمكن للزائر أن يعيش تجربةً بحريةً لا تُنسى بين الشعاب والأسماك الملوّنة.
ويمكن الوصول إلى الجزر بسهولة عبر القوارب التي تنطلق من مرسى البرك أو من مرافئ القحمة وسعيدة الصوالحة وعمق، حيث لا تستغرق الرحلة إلى أقرب الجزر أكثر من 20 دقيقة في مياهٍ هادئةٍ تحفّها المناظر الخلابة.
أما الجزر الأبعد فتتطلب تجهيزاتٍ خاصة للرحلات البحرية الطويلة، ما يضفي على التجربة طابعًا من المغامرة والاكتشاف لعشاق الرحلات البحرية والاستكشاف البيئي.
وفي ظل اهتمام المملكة بتعزيز السياحة البيئية وفق مستهدفات رؤية 2030، تمثّل جزر البرك فرصةً واعدةً لتنمية السياحة المستدامة في عسير، عبر تطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات البيئية المسؤولة.
كما يُتوقّع أن تسهم هذه الجزر في جذب الاستثمارات السياحية، لا سيما في مجالات السياحة البحرية والفندقة البيئية، ما يعزز من مكانة عسير كوجهةٍ سياحيةٍ متكاملة تمتد من القمم إلى السواحل.
وإلى جانب قيمتها الجمالية، تُعد جزر البرك ثروةً بيئيةً يجب الحفاظ عليها، إذ تُمثل نظامًا بيئيًا هشًا يتطلب عنايةً خاصة للحفاظ على توازن التنوع الأحيائي في المنطقة.
وتعمل الجهات المختصة على دراسة الجزر بيئيًا لتحديد أفضل السبل لاستدامة مواردها الطبيعية، وضمان استفادة المجتمع المحلي من فرص السياحة دون الإضرار بالمكونات البيئية الحساسة.
لتبقى عسير بجزرها وسواحلها شاهدةً على روعة التناغم بين البحر والجبل، وبين التراث والطبيعة، في مشهدٍ يعكس جمال المملكة وتنوّعها الجغرافي الذي لا مثيل له.