جاءت زيارة مساعد وزير الصناعة والثروة المعدنية للتخطيط والتطوير الدكتور عبدالله بن علي الأحمري إلى جمهورية سنغافورة ضمن تحركات استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الصناعي والابتكار بين البلدين، في إطار سعي المملكة لتحقيق أهداف رؤية 2030 نحو تنويع الاقتصاد وتوطين التقنيات المتقدمة.
إقرأ ايضاً:"هيئة الفضاء" ترصد مشهداً نادراً من صحراء رزين.. الكاميرات تلتقط ما لم يُرَ منذ عقود"بلدية محايل" تواجه اختباراً صعباً.. ازدحام المدخل الجنوبي يتحول إلى معاناة يومية

بدأت الزيارة بسلسلة اجتماعات مكثفة عقدها الأحمري مع مسؤولين حكوميين وقادة في القطاع الصناعي السنغافوري، حيث ركزت النقاشات على تبادل الخبرات في مجالات التصنيع المتقدم والبحث العلمي، وتطوير الكفاءات الوطنية لتواكب التطورات التقنية العالمية.

وفي لقاء جمعه بمساعد الرئيس التنفيذي لهيئة التنمية الصناعية في سنغافورة “JTC” ديفيد تان، ناقش الأحمري سبل تهيئة بيئة صناعية متكاملة تجمع بين الجامعات ومراكز الأبحاث والشركات، لتعزيز الابتكار وتمكين الجيل الجديد من التقنيات الصناعية.

وشهد الاجتماع أيضًا استعراض تجارب سنغافورة في تطوير المدن الصناعية الذكية، وتبني حلول الثورة الصناعية الرابعة مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، بما يسهم في رفع كفاءة الإنتاج الصناعي وتقليل البصمة الكربونية.

كما أولت المحادثات اهتمامًا خاصًا ببناء القدرات البشرية في قطاع الصناعة، من خلال تصميم برامج تدريبية متخصصة تواكب متطلبات سوق العمل وتدعم استدامة النمو الصناعي على المدى الطويل.

وفي إطار توسيع مجالات التعاون، اجتمع الأحمري مع المدير التنفيذي لجمعية صناعة أشباه الموصلات السنغافورية “SSIA”، حيث تمت مناقشة سبل نقل تقنيات التصنيع المتقدم إلى المملكة، وتعزيز حضورها في سلاسل القيمة العالمية لصناعة الرقائق الإلكترونية.

وركز الجانبان على أهمية تطوير الشراكات بين القطاعين الخاصين في البلدين، لتبادل الخبرات الفنية، ودعم الابتكار في مجال الإلكترونيات الدقيقة، الذي يمثل أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الصناعي المستقبلي.

كما التقى الأحمري رئيس مجلس إدارة مجموعة “Meinhardt” الدكتور نسيم شاهزاد، والرئيس التنفيذي للمجموعة عمر شاهزاد، وناقش معهما فرص التعاون في تطوير البنية التحتية الصناعية الحديثة وتطبيق الحلول الهندسية المستدامة في المدن الذكية.

وتطرقت الاجتماعات إلى دراسة آليات إنشاء مجمعات صناعية ذكية في المملكة، تجمع بين الإنتاج والبحث والابتكار، بما يعزز التكامل بين القطاعات المختلفة ويسهم في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.

وفي إطار اهتمامه بالبحث العلمي، زار الأحمري جامعة نانيانغ التكنولوجية، إحدى أبرز المؤسسات الأكاديمية في آسيا، حيث اطلع على مختبر “Aumoviou – NTU” المتخصص في تقنيات التصنيع الذكي والروبوتات المتقدمة.

وخلال اللقاء مع نائب رئيس الجامعة الدكتور لام خين يونغ، تم بحث إمكانات التعاون الأكاديمي في تطوير حلول صناعية مبتكرة، وتعزيز برامج التبادل العلمي لتأهيل الكفاءات السعودية في مجالات الابتكار والتقنيات المتقدمة.

كما تضمنت الزيارة جولة في معهد التعليم التقني “ITE”، الذي يعد من أهم مراكز التدريب الصناعي في سنغافورة، حيث التقى الأحمري بالرئيس التنفيذي للمعهد سوريش ناترجان لبحث آفاق التعاون في تطوير المناهج التقنية.

وناقش الجانبان تصميم برامج تعليمية موجهة لتأهيل الشباب السعودي في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والتحكم الصناعي، والتصميم الهندسي الذكي، بما يدعم أهداف المملكة في بناء قاعدة بشرية متخصصة في التصنيع الحديث.

وشملت الجولة زيارة مركز الطاقة المستدامة التابع للمعهد، حيث اطلع الوفد السعودي على أحدث التقنيات المستخدمة في إدارة الطاقة وكفاءتها، وأبرز مشاريع الاستدامة التي تعتمدها سنغافورة في قطاعاتها الصناعية.

وأكد الأحمري خلال الزيارة أن تعزيز الشراكات مع الدول المتقدمة في مجال الابتكار الصناعي يمثل خطوة أساسية في بناء قاعدة وطنية قوية قادرة على المنافسة عالميًا في مجالات التصنيع والتعدين.

وأشار إلى أن المملكة تسعى من خلال هذه المبادرات إلى جذب استثمارات نوعية تدعم التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة، وتدفع بعجلة التطوير الصناعي في بيئة مستدامة ومبتكرة.

وتأتي هذه الزيارة في سياق الجهود المستمرة لوزارة الصناعة والثروة المعدنية لتعزيز حضور المملكة في المشهد الصناعي الدولي، من خلال الشراكات التقنية وتبادل الخبرات العالمية.

وبذلك تمثل زيارة الأحمري إلى سنغافورة نموذجًا عمليًا لتوجه المملكة نحو بناء اقتصاد صناعي متقدم يستند إلى الابتكار، ويواكب التحولات العالمية في تقنيات التصنيع والذكاء الصناعي.