نجح فريق فلكي تابع لمركز الفلك الدولي في إنجاز علمي مميز، تمثّل في تصوير مذنّبَيْن لامعين في سماء صحراء رزين بدولة الإمارات، في مشهد نادر يجمع بين جمال الطبيعة ودقة الرصد العلمي.
إقرأ ايضاً:"بلدية محايل" تواجه اختباراً صعباً.. ازدحام المدخل الجنوبي يتحول إلى معاناة يومية"هيئة العقار" تتحرك ميدانيًا.. بدء أعمال "السجل العقاري" في 28 حيًا بالقصيم
وجاء هذا الإنجاز ضمن رحلة ميدانية نظمها المركز لرصد الأجرام السماوية البارزة خلال هذا الموسم، حيث اختار الفريق موقع صحراء رزين لبعدها عن التلوث الضوئي وملاءمتها للمراقبة الفلكية الدقيقة.
وأوضح مدير المركز، المهندس محمد عودة، أن الفريق تمكّن من رصد المذنّب الأول المعروف باسم "ليمون" C/2025 A6 (Lemmon)، باستخدام منظار فلكي متطور، مشيرًا إلى أنه شوهد بوضوح في الجهة الغربية بعد غروب الشمس مباشرة.
وبيّن عودة أن هذا المذنّب يُرى عادة بوضوح أكبر في الدول الواقعة شمال خط الاستواء، غير أن صفاء الأجواء في صحراء الإمارات أتاح فرصة نادرة لتصويره بوضوح استثنائي.
وأشار إلى أن الفريق تابع المذنّب لمدة 14 دقيقة متواصلة مع حلول الظلام، وتمكن من التقاط سلسلة صور أظهرت ذيله الطويل الممتد حتى أطراف الإطار الفوتوغرافي، بطول تقديري بلغ نحو خمس درجات سماوية.
وأضاف أن الصور الملتقطة أظهرت تفاصيل دقيقة في تركيبة الذيل الغازي للمذنّب، ما يمنح الباحثين فرصة لدراسة خصائصه الفيزيائية والضوئية في ضوء تطورات الرصد الفلكي الحديث.
ولم يقتصر العمل على هذا المذنّب فقط، إذ وجّه الفريق عدسته لاحقًا نحو مذنّب ثانٍ هو C/2025 R2 (SWAN)، الذي يتميّز بلونٍ أخضر مميّز يُنسب عادة إلى التفاعلات الكيميائية في غلافه الغازي.
وأوضح عودة أن تصوير هذا المذنّب استمر لمدة 25 دقيقة متواصلة، وتم خلاله توثيق تحركاته الظاهرة في السماء، على الرغم من قِصر ذيله مقارنة بالمذنّب الأول.
وبيّن أن اللون الأخضر الذي يميّز مذنّب SWAN ناتج عن تفاعل جزيئات الكربون والنيتروجين عند تعرضها لأشعة الشمس، وهي ظاهرة تُسهم في فهم تركيب المذنّبات بشكلٍ أدق.
وأكد مدير المركز أن هذه الرحلة تمثّل جزءًا من سلسلة رصدية دورية ينفذها الفريق بهدف توثيق الأحداث الفلكية النادرة ومشاركتها مع المجتمع العلمي والهواة في المنطقة العربية.
كما أشار إلى أن نتائج هذه المشاهدات ستُسهم في إثراء قاعدة البيانات الفلكية العربية، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز إقليمي متميّز في مجال الرصد والتوثيق الفلكي.
وتابع عودة أن اختيار التوقيت والموقع كان عاملًا حاسمًا في نجاح المهمة، إذ جرى التنسيق لضمان توافق ظروف الرؤية مع لحظة اقتراب المذنّبين من الأرض في مدارٍ مثالي للرصد.
ولفت إلى أن الأعضاء المشاركين في الرحلة استخدموا معدات تصوير دقيقة عالية الحساسية، مكّنتهم من التقاط تفاصيل لم تكن ممكنة بالعين المجردة.
وأضاف أن المركز يسعى من خلال مثل هذه المبادرات إلى دعم الشغف بالفلك لدى الشباب الإماراتي والعربي، وتشجيع الاهتمام بالعلوم التطبيقية المرتبطة بالفضاء.
وأشار إلى أن المذنّبات تبقى من أكثر الظواهر السماوية إثارة للفضول العلمي، كونها تحمل بقايا المادة الأولى التي تشكّل منها النظام الشمسي قبل مليارات السنين.
ونوّه بأن دراسة المذنّبات تسهم في فهم تطور الكواكب والأجرام الصغيرة، فضلًا عن رصد التغيرات في مساراتها وتأثيرها المحتمل على الأرض مستقبلاً.
واختتم عودة تصريحه بالتأكيد على أن مركز الفلك الدولي سيواصل تنظيم رحلات مشابهة في الأشهر المقبلة، تزامنًا مع اقتراب ظهور أجسام سماوية جديدة، لتعزيز دور الإمارات في المشهد الفلكي العالمي.