في تجربة زراعية فريدة من نوعها، تمكن المزارع علي آل جربوع من تحويل مزرعته الواقعة في منطقة عسير إلى وجهة سياحية مميزة بعد أن نجح في زراعة فاكهة التنين، وهي من الفواكه النادرة التي تشتهر بألوانها الزاهية ومذاقها الفريد، مما أضفى على المزرعة طابعًا استوائيًا جذب الزوار من مختلف المناطق.
إقرأ ايضاً:"المرور" يحقق في احتراق مركبة تقل طلابًا.. لحظات الرعب التي سبقت "الفاجعة" جنوب القويعية"هيئة الغذاء والدواء" تُدشّن دستور الأدوية السعودي..خطوة سعودية تغيّر موازين صناعة الدواء

وأوضح آل جربوع في حديثه لقناة العربية أن فكرة زراعة فاكهة التنين جاءت من رغبته في إدخال نوع جديد من الزراعة غير التقليدية إلى المنطقة، مؤكدًا أن الفاكهة تنتمي إلى أصول شرق آسيوية وتُزرع كذلك في بعض مناطق جنوب أفريقيا، وهو ما أثار فضوله لمعرفة مدى ملاءمة بيئة عسير لاحتضان هذا النوع من المحاصيل.

وأشار المزارع إلى أنه تعاون مع جامعة الملك خالد لإجراء تجربة علمية دقيقة على زراعة فاكهة التنين، حيث جرى اختبار التربة والمناخ والعوامل البيئية المحيطة، مضيفًا أن نتائج التجربة جاءت مفاجئة ومبشرة بعد أن أثبتت النباتات قدرتها على النمو والإثمار بنجاح في أجواء المنطقة.

وبيّن أن نجاح هذه التجربة فتح الباب أمامه لتوسيع نطاق المشروع وتحويل المزرعة إلى مزار سياحي يستقبل الزوار الراغبين في مشاهدة أشجار فاكهة التنين النادرة، إلى جانب الاستمتاع بجمال الطبيعة الخضراء التي تميز جبال عسير وسهولها الساحرة.

وأضاف أن الإقبال الكبير من الزوار جعله يطور المزرعة لتضم مساحات مخصصة للتصوير الفوتوغرافي ومناطق استراحة للزائرين، مبينًا أن المشاهد الخضراء مع ألوان الفاكهة الزاهية خلقت لوحة طبيعية مدهشة جعلت المزرعة وجهة مفضلة لعشاق الطبيعة والهدوء.

وأوضح آل جربوع أن زراعة فاكهة التنين تتطلب عناية خاصة وتحتاج إلى توازن بين الحرارة والرطوبة، وهو ما وفرته بيئة عسير الجبلية التي تمتاز بمناخ معتدل يتيح لهذه الفاكهة النمو بشكل صحي وطبيعي.

وأشار إلى أن تجربته لاقت اهتمامًا من جهات زراعية وبحثية عديدة، إذ تم التواصل معه لتبادل الخبرات حول طرق الزراعة والتسميد والري الأنسب لهذا النوع من النباتات الغريبة على البيئة المحلية.

وأضاف أن التعاون مع جامعة الملك خالد لم يتوقف عند حدود التجربة الأولى، بل يجري العمل حاليًا على أبحاث مشتركة لاستكشاف أنواع أخرى من الفواكه الاستوائية التي يمكن أن تنجح زراعتها في عسير بفضل تنوعها المناخي.

وأكد أن ما حققه يعكس الإمكانات الزراعية الكبيرة التي تمتلكها المنطقة الجنوبية، مشيرًا إلى أن عسير قادرة على أن تصبح نموذجًا رائدًا في الزراعة السياحية التي تجمع بين الإنتاج الاقتصادي والتجربة الجمالية.

وأوضح أن فكرة المزارع السياحية تنسجم مع توجهات المملكة في دعم السياحة الريفية وتنويع مصادر الدخل، خاصة في ظل رؤية السعودية 2030 التي تشجع على استثمار الموارد الطبيعية والمناخية في مشاريع مستدامة.

ولفت إلى أن تحويل المزرعة إلى وجهة سياحية لم يكن مجرد مشروع زراعي، بل أصبح تجربة ثقافية وتعليمية تتيح للزوار التعرف على طرق الزراعة الحديثة وأساليب العناية بالنباتات الاستوائية.

وبيّن أن فاكهة التنين لا تستهلك كميات كبيرة من المياه مقارنة ببعض المحاصيل الأخرى، ما يجعلها خيارًا بيئيًا مثاليًا في ظل توجه المملكة نحو الزراعة المستدامة والمحافظة على الموارد المائية.

وأكد آل جربوع أن الطلب على فاكهة التنين في الأسواق المحلية يتزايد بفضل قيمتها الغذائية العالية وغناها بمضادات الأكسدة والفيتامينات، مشيرًا إلى أن نجاح التجربة سيسهم في تعزيز الأمن الغذائي المحلي.

وأشار إلى أن خططه المستقبلية تشمل إنشاء مركز صغير داخل المزرعة لتعبئة وتغليف الفاكهة تمهيدًا لتسويقها في الأسواق السعودية والخليجية، مع العمل على تطوير منتجات مشتقة منها مثل العصائر والمربى.

وأضاف أن الزراعة الحديثة لم تعد تعتمد فقط على الإنتاج بل أصبحت تجربة متكاملة تجمع بين العلم والسياحة والترفيه، ما يجعل المزارع اليوم أكثر وعيًا بدورهم في دعم التنمية المحلية.

وبيّن أن فاكهة التنين أثبتت أنها لا تحتاج إلى مساحات واسعة أو تجهيزات معقدة، وهو ما يجعلها خيارًا واعدًا للمزارعين الشباب الباحثين عن مشاريع زراعية مبتكرة ومربحة.

وأكد أن مشروعه يشكل مثالًا على قدرة الفرد على الابتكار والاستفادة من الموارد المحلية لتحقيق نجاح ينعكس على المجتمع، مشيرًا إلى أن دعم الجهات الحكومية ساعد في تسهيل الإجراءات وتوفير الإرشاد الزراعي اللازم.

واختتم آل جربوع حديثه بالتأكيد على أن حلمه القادم هو تحويل المزرعة إلى نموذج وطني يحتذى به في مجال الزراعة الذكية والسياحة الريفية، ليكون شاهدًا على قدرة الإنسان السعودي على تحويل التحديات إلى فرص تنموية حقيقية.