يبدو أن نادي الهلال السعودي يسير بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة من الاستقرار الفني، بعد أن حسمت إدارته تجديد عقدي النجمين الكبيرين ياسين بونو وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش حتى عام 2028، في خطوة تعكس رغبة واضحة في الحفاظ على قوام الفريق الأساسي واستمرارية النجوم الذين أحدثوا الفارق منذ قدومهم إلى الرياض.
إقرأ ايضاً:"المرور" يحقق في احتراق مركبة تقل طلابًا.. لحظات الرعب التي سبقت "الفاجعة" جنوب القويعية"هيئة الغذاء والدواء" تُدشّن دستور الأدوية السعودي..خطوة سعودية تغيّر موازين صناعة الدواء

القرار لم يكن مجرد تمديدٍ تقليدي لعقدي لاعبين مميزين، بل يُعدّ تأكيدًا على استراتيجية الهلال بعيدة المدى، والتي تركز على صناعة فريق مستقر قادر على المنافسة محليًا وقاريًا، خصوصًا في ظل الطفرة الاستثمارية الكبيرة التي يشهدها دوري روشن السعودي.

إعلان التجديد بدأ من بوابة الحارس المغربي ياسين بونو، الذي ظهر في مقطع مصوّر نشره الحساب الرسمي للنادي على منصة «إكس»، تحت عبارة مؤثرة: «مرمى الهلال آمن حتى عام 2028»، في إشارة إلى الثقة المطلقة بقدرات الحارس المخضرم.

بعد أقل من عشرة أيام فقط، جاء الدور على النجم الصربي سيرجي سافيتش، ليظهر هو الآخر في إعلان رسمي مماثل يؤكد تجديد عقده حتى نفس العام، لتكتمل بذلك صورة الثنائي الذي أصبح ركيزة أساسية في منظومة الهلال الفنية.

وبحسب ما أوردته صحيفة «الرياضية» السعودية، فإن استمرار بونو وسافيتش حتى عام 2028 سيجعل منهما من أطول اللاعبين الأجانب إقامة في صفوف الهلال، وهو رقم نادر لم يتحقق منذ ربع قرن تقريبًا.

الرقم القياسي الوحيد المسجل في هذا الجانب يعود للمدافع الزامبي إيليجا ليتانا، الذي ارتدى قميص الهلال خمس سنوات متتالية بين عامي 1995 و2000، ليبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الجماهير كأحد الأساطير الدفاعية التي مرّت على النادي.

ليتانا، الذي تميز بطوله الفارع وقوته البدنية، قاد الهلال لتحقيق 11 بطولة خلال مسيرته مع الزعيم، من بينها بطولات آسيوية وعربية ومحلية جعلته رمزًا للولاء والعطاء داخل المستطيل الأخضر.

ومن أبرز إنجازات ليتانا تحقيقه دوري أبطال آسيا، وكأس المؤسس، وكأس ولي العهد، إلى جانب ألقاب السوبر والكأس العربية، مما جعله أحد أكثر اللاعبين الأجانب تتويجًا بتاريخ الأزرق العاصمي.

لم يكن ليتانا مجرد مدافع صلب فحسب، بل كان لاعبًا حاسمًا في اللحظات الصعبة، إذ سجل أهدافًا مؤثرة مثل هدفه الشهير في شباك الشباب عام 1995، كما حمل شارة قيادة منتخب زامبيا وحقق معه ميداليتين قاريتين.

أما اليوم، فيبدو أن الهلال على موعد مع كتابة فصلٍ جديد من الاستمرارية، بفضل الحارس المغربي ياسين بونو، الذي أتى إلى الرياض في صيف 2023 قادمًا من نادي إشبيلية الإسباني وسط ثورة تعاقدات غير مسبوقة في الكرة السعودية.

منذ وصوله، فرض بونو نفسه كواحد من أفضل الحراس في المنطقة، مستعرضًا أداءً استثنائيًا اتسم بالثبات والثقة والهدوء تحت الضغط، ليكسب احترام الجماهير وقيادة الدفاع الهلالي بثقة عالية.

شارك بونو في أكثر من مئة مباراة مع الهلال، خرج في أربعين منها بشباك نظيفة، وقدم مستويات كبيرة في كأس العالم للأندية حيث تصدر الإحصاءات الخاصة بعدد التصديات والتقييم العام للحراس.

ذلك الأداء اللافت تُوّج بحصوله على جائزة أفضل حارس إفريقي لعام 2023، ودخوله القائمة الأولية لجائزة «ليف ياشين» العالمية، ما جعل منه صفقة استراتيجية ناجحة بكل المقاييس في تاريخ الهلال الحديث.

أما الصربي سيرجي سافيتش، القادم من لاتسيو الإيطالي، فقد أصبح القلب النابض لوسط ميدان الهلال، بفضل قدرته المذهلة على المزج بين الصلابة الدفاعية والإبداع الهجومي في آنٍ واحد.

ساهم سافيتش في عشرات الأهداف ما بين صناعة وتسجيل، وأظهر تأثيرًا مباشرًا على نتائج الفريق، ليؤكد أنه أحد أعمدة المشروع الهلالي الذي يبنى على الجودة والاستمرارية لا على التغييرات المتكررة.

وفي تصريح مؤثر عقب إعلان التجديد، قال سافيتش: «منذ أول يوم شعرت أن الهلال ليس مجرد نادٍ، بل هو عائلة، وكل فوز هنا له طعم خاص، وقراري بالبقاء كان نابعًا من القلب قبل العقل».

تلك الكلمات اختصرت فلسفة الهلال الجديدة، التي تجمع بين الاحتراف العالي والارتباط العاطفي بالكيان، وهو ما يجعل النادي بيئة جاذبة للنجوم العالميين.

وبالنظر إلى النجاحات المحققة مؤخرًا، فإن الهلال استطاع بوجود بونو وسافيتش إضافة خمس بطولات مهمة إلى خزائنه، ما يعكس الدور الكبير للثنائي في تعزيز روح البطولة داخل الفريق.

وبذلك، يقترب الهلال من تكرار إنجاز الأسطورة الزامبية ليتانا بعد 25 عامًا، إذ يبدو أن بونو وسافيتش في طريقهما لكتابة اسميهما في سجل الخلود الأزرق، ضمن قائمة الأجانب الذين صنعوا المجد وتركوا بصمة لا تُنسى في تاريخ النادي.