اختتمت محافظة العُلا المرحلة الأولى من موسم تمور العُلا لعام 2025، والتي خُصصت لمزاد التمور الذي أقيم على مدى عطلات نهاية الأسبوع، حيث شهد المزاد إقبالًا واسعًا من المزارعين والمستثمرين وعشاق التمور من داخل المملكة وخارجها، في مشهد يعكس مكانة العُلا كمركز رئيسي لإنتاج وتسويق أجود أنواع التمور في المنطقة.
إقرأ ايضاً:"التجمع الصحي بالجوف" يكشف تفاصيل "عملية نادرة" لطفلٍ في الـ11.. والنتيجة فاقت التوقعات!"هيئة الأدب والنشر والترجمة" تستعد لـ"حدث ثقافي ضخم".. حضور سعودي غير مسبوق ينتظر العالم!
وانطلقت بالتوازي المرحلة الثانية من الموسم والمتمثلة في سوق المزارعين، الذي يستمر حتى الخامس عشر من نوفمبر الجاري، ليتيح للمزارعين فرصة عرض منتجاتهم مباشرة أمام الزوار والمشترين، بما يعزز من مفهوم الاقتصاد المحلي الدائري ويزيد من العوائد المباشرة لأصحاب المزارع الصغيرة والمتوسطة.
ويأتي موسم التمور ضمن جهود الهيئة الملكية لمحافظة العُلا لدعم التنمية الزراعية، وتنويع مصادر الدخل وتعزيز مقومات الأمن الغذائي، تماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع الاستدامة الزراعية ضمن أولوياتها لتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
وتُعد فعالية موسم التمور ترجمةً عملية لمفهوم "خيرات العُلا" الذي يُجسد ثراء مواردها الزراعية، حيث يعكس ارتباط الإنسان العُلاوي العريق بالنخلة التي شكّلت جزءًا من هويته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية عبر التاريخ.
وتضم العُلا اليوم أكثر من 4.1 ملايين نخلة مزروعة على مساحة تتجاوز 15 ألف هكتار، ما يجعلها واحدة من أكبر الواحات الزراعية في المملكة، إذ تنتج سنويًا نحو 170 ألف طن من التمور التي تُصدر إلى مختلف الأسواق المحلية والعالمية.
ويستعرض الموسم تطور قطاع التمور في العُلا عامًا بعد عام، فخلال موسم 2023 تجاوزت مبيعات المزاد 12.8 مليون ريال، بالإضافة إلى 400 ألف ريال من السوق المصاحب، في حين بلغ عدد الزوار أكثر من 15 ألف زائر من مختلف المناطق.
أما في موسم 2024، فقد بلغت الكميات المباعة نحو 1.7 مليون كيلوجرام من التمور، بإجمالي إيرادات تجاوزت 8.8 ملايين ريال، ما يؤكد النمو المستمر في الطلب على تمور العُلا المميزة بجودتها العالية وتنوع أصنافها.
وتتوقع الهيئة الملكية أن يشهد موسم 2025 زيادة ملحوظة في حجم المبيعات، نظرًا لتنامي الإقبال المحلي والدولي على تمور العُلا، خصوصًا بعد توسع الأسواق الترويجية وتحسين منظومة التعبئة والتغليف وفق معايير عالمية.
ومن أبرز فعاليات الموسم فعالية "يوم الشنّة" التي تُقام في الأسبوع الختامي، وتُعد احتفاءً بواحدة من أقدم طرق حفظ التمور في الجزيرة العربية، حيث يتوارث أهالي العُلا صناعة "الشنّة" و"المجلاد" من جلد الغنم وسعف النخيل لحفظ التمور لفترات طويلة.
وتسعى الهيئة الملكية من خلال هذه الفعالية إلى إحياء التراث المحلي وتعزيز استدامة المعرفة الزراعية التقليدية، ضمن جهودها الرامية إلى المزج بين الأصالة والابتكار في أساليب الإنتاج والتسويق.
كما شهد قطاع الزراعة في العُلا خلال الفترة الماضية قفزات نوعية، تمثلت في تنفيذ برامج تدريبية شملت أكثر من 2,500 مستفيد من المزارعين والطلاب، ما يسهم في بناء جيل جديد يمتلك المعرفة الزراعية الحديثة إلى جانب الخبرة التقليدية.
وتم تدريب نحو 95 مزارعًا و250 طالبًا ضمن مبادرات تعليمية متخصصة، تهدف إلى رفع كفاءة العاملين في القطاع وتعزيز قدراتهم في تطبيق ممارسات الزراعة المستدامة واستخدام التقنيات الحديثة في العناية بالنخيل.
كما جرى اعتماد 250 مزرعة ضمن برنامج التمور السعودية، في خطوة تسعى إلى توحيد المعايير وضمان جودة الإنتاج المحلي بما يواكب متطلبات الأسواق العالمية ويعزز حضور التمور السعودية في الساحات الدولية.
وفي إطار العناية بالبيئة الزراعية، تمت معالجة أكثر من 120 ألف نخلة داخل الواحة الثقافية بعمليات التسميد والمكافحة الحيوية للآفات، مما أسهم في تحسين جودة الثمار وزيادة الإنتاج بشكل ملحوظ.
إلى جانب ذلك، افتُتحت أسواق جديدة في مناطق المعظم والمنشية، إضافة إلى تطوير سوق الصخيرات، ما يوفر منصات بيع مباشرة تربط المزارعين بالمستهلكين وتفتح آفاقًا أوسع لتسويق المنتجات الزراعية.
وتركّز الهيئة الملكية على جعل قطاع التمور محورًا أساسيًا في الاقتصاد المحلي للعُلا، عبر تشجيع الاستثمارات الزراعية الصغيرة والمتوسطة ودعم الابتكار في الصناعات التحويلية المرتبطة بالتمور ومشتقاتها.
ويمثل موسم التمور فرصة فريدة لتعزيز السياحة الزراعية في العُلا، إذ يجذب الزوار للتعرف على تقاليد الزراعة والحصاد وأساليب الضيافة الريفية، مما يسهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية في المحافظة.
وفي الوقت ذاته، تسعى العُلا لأن تكون نموذجًا وطنيًا في إدارة المواسم الزراعية المستدامة، عبر التوازن بين تطوير الإنتاج وحماية الموروث الطبيعي والبيئي، بما يعزز موقعها كمركز عالمي للتراث والابتكار الزراعي.