استقر الدولار الأمريكي اليوم الثلاثاء قرب أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، وسط ترقب الأسواق العالمية لأي مؤشرات جديدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن مستقبل أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
إقرأ ايضاً:راحة مؤقتة تكلف حياتك.. تحذير عاجل من طقطقة الرقبة العنيفة التي تضغط على الشرايين الحساسة"أمن سيبراني" لـ 200 موظف وموظفة في عسير.. التدريب التقني والمهني يطلق مبادرة جديدة
وشهدت التعاملات الآسيوية حالة من الحذر، إذ واصل المستثمرون تقييم الموقف النقدي للبنك المركزي الأمريكي بعد صدور تصريحات متباينة من أعضائه، ما انعكس على حركة العملات الكبرى أمام الدولار.
وتراجع الين الياباني إلى مستوى 154.38 مقابل الدولار خلال التعاملات المبكرة، وهو ما يقارب أدنى مستوى له في ثمانية أشهر ونصف الشهر، مما أعاد إلى الأذهان احتمالات تدخل الحكومة اليابانية لحماية العملة.
وأثار هذا التراجع قلق المتعاملين في السوق الآسيوية، خاصة في ظل استمرار الضغط على الين بسبب اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة في اليابان والولايات المتحدة، وهو ما يمنح الدولار مزيدًا من القوة.
وفي المقابل، أظهر مجلس الاحتياطي الفيدرالي تباينًا في وجهات النظر بين أعضائه بشأن المسار المستقبلي للفائدة، إذ يرى بعضهم أن خفضها قد يهدد استقرار الأسعار، فيما يعتقد آخرون أن الاقتصاد يحتاج إلى تيسير إضافي.
وجاءت هذه الانقسامات في وقت تعاني فيه الأسواق من نقص البيانات الاقتصادية الرسمية بسبب الإغلاق الحكومي الجزئي في الولايات المتحدة، ما زاد من حالة الغموض لدى المستثمرين.
وكان المجلس قد أقر خفضًا محدودًا في أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، غير أن رئيسه جيروم باول أشار إلى أن ذلك ربما يكون آخر خفض خلال هذا العام، في إشارة إلى عودة الحذر في السياسة النقدية.
وتسببت تصريحات باول في تقليص توقعات المستثمرين بشأن وتيرة خفض الفائدة، حيث باتت الأسواق تتوقع بنسبة 65 في المئة فقط خفضًا آخر في ديسمبر المقبل، بعد أن كانت النسبة 94 في المئة قبل أسبوع واحد.
هذا التحول في التوقعات دعم الدولار أمام معظم العملات الرئيسية، وجعل المتعاملين يعيدون تقييم رهاناتهم السابقة على استمرار دورة التيسير النقدي خلال الأشهر المقبلة.
وسجل اليورو تراجعًا ملحوظًا أمام العملة الأمريكية ليصل إلى 1.1498 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ مطلع أغسطس الماضي، فيما فقد الجنيه الإسترليني 0.13 في المئة من قيمته مسجلًا 1.312 دولار.
كما ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.1 في المئة ليصل إلى 99.99 نقطة، وهو المستوى الأعلى في ثلاثة أشهر.
ويرى محللون أن هذا الارتفاع يعكس ثقة الأسواق في قوة الاقتصاد الأمريكي نسبيًا، رغم تباطؤ النمو العالمي والتحديات التي تواجه الاقتصادات الكبرى في أوروبا وآسيا.
وأشار خبراء إلى أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على عملات الأسواق الناشئة، التي تعتمد على تدفقات الدولار لتمويل وارداتها وخدمة ديونها الخارجية.
ويرى مراقبون أن سياسة الفيدرالي الحالية تميل نحو التريث، في انتظار بيانات التضخم والتوظيف القادمة، لتحديد الخطوة التالية في مسار أسعار الفائدة.
وأضاف محللون أن تصريحات باول الأخيرة حملت رسالة مزدوجة، فهي من جهة تطمئن الأسواق إلى مرونة السياسة النقدية، ومن جهة أخرى تحذر من الإفراط في التوقعات بخفض الفائدة السريع.
ويعتقد بعض الخبراء أن الدولار قد يواصل مكاسبه خلال الأسابيع المقبلة، إذا استمر الغموض حول توجهات الفيدرالي أو تأخرت البيانات الاقتصادية المهمة.
كما أن التوترات الجيوسياسية والقلق من تباطؤ النمو في الصين قد يعززان الطلب على الدولار كملاذ آمن، ما يضيف مزيدًا من الزخم لقوة العملة الأمريكية.
وتشير التقديرات إلى أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الدولار، إذ إن أي تغيير مفاجئ في لهجة الفيدرالي أو تحسن مفاجئ في بيانات الاقتصاد الأمريكي قد يقلب موازين الأسواق العالمية.