الإمارات تطلق مبادرة جديدة تعفي المشاريع الصغيرة من أعباء مالية.
الإمارات تطلق مبادرة جديدة تعفي المشاريع الصغيرة من أعباء مالية .. ما التفاصيل؟
كتب بواسطة: محمود العادل |

في خطوة تحمل دلالات قوية على توجهات الدولة نحو دعم الاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء عن أصحاب المشاريع الصغيرة، أطلقت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية في دولة الإمارات مبادرة استراتيجية تُعفي أصحاب العمل في المشاريع الصغيرة من المبالغ الإضافية المترتبة على التأخر في إجراءات تسجيل المؤمن عليهم، أو تأخر الإبلاغ عن انتهاء خدماتهم، وفقاً لما تقضي به قوانين المعاشات الاتحادية.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"

وتستهدف المبادرة فئة محددة من مشاريع القطاع الخاص، وهي المشاريع التي لا يتجاوز عدد المواطنين المؤمن عليهم فيها أربعة موظفين، والتي تُعد من أكثر الفئات حاجة إلى الدعم في ظل التحديات المالية والإدارية التي تواجهها أثناء محاولتها التوسع والنمو في بيئة عمل تنافسية.

ووفقاً لما أعلنته الهيئة، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار جهودها المتواصلة لتقوية الشراكة مع أصحاب العمل، وتحديداً في فئة المشاريع الصغيرة، بما يعزز من استقرارها المالي ويشجعها على إعادة استثمار مواردها في تطوير أعمالها وتوسيع أنشطتها، وبالتالي تحقيق مردود اقتصادي أكبر يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ككل.

وأوضح مبارك راشد المنصوري، رئيس مجلس إدارة الهيئة، أن المبادرة تتماشى مع الرؤية الاقتصادية للدولة، الهادفة إلى ترسيخ الإمارات كمركز عالمي رائد في ريادة الأعمال والاستثمار، مشيراً إلى أن تخفيف الأعباء المالية والإدارية يُعد خطوة محورية في سبيل خلق بيئة أعمال أكثر استقراراً وتحفيزاً.

وأكد المنصوري أن الإعفاءات ستُسهم أيضاً في دعم أهداف الدولة المتعلقة بتعزيز التوطين، حيث ستُشجع شركات القطاع الخاص على استقطاب الكفاءات الوطنية، والاحتفاظ بها ضمن قواها العاملة، ما يدعم الاستقرار المهني والاجتماعي للمواطنين، ويُعزز من مشاركتهم في عجلة التنمية الاقتصادية.

وبدوره، اعتبر فراس عبد الكريم الرمحي، المدير العام للهيئة، أن هذه المبادرة تُجسد رؤية "المعاشات" في تمكين القطاع الخاص من مواصلة دوره كمحرك رئيسي للاقتصاد الوطني، موضحاً أن هذه الخطوة تمثل استجابة عملية لتطلعات أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يواجهون تحديات كبيرة في الامتثال لكافة المتطلبات القانونية.

وأشار الرمحي إلى أن المبادرة لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل تشمل بُعداً تنموياً واستراتيجياً أوسع، إذ تعكس إيمان الدولة بأن المشاريع الصغيرة تُعد حاضنات للابتكار ومصادر لفرص العمل، ومفتاحاً مهماً لتعزيز النمو الاقتصادي المتوازن والمستدام.

ومن المقرر أن يغطي الإعفاء المبالغ الإضافية التي ترتبت خلال الفترة من بداية يناير 2024 وحتى نهاية أبريل 2025، وهي فترة تمتد على أكثر من عام، ما يمنح أصحاب المشاريع فرصة كبيرة لترتيب أوضاعهم وتسوية التزاماتهم دون ضغوط مالية كبيرة.

أما فيما يخص المبالغ المترتبة خارج هذه الفترة، فقد أعلنت الهيئة أنها ستنظر فيها على أساس كل حالة على حدة، وبمرونة تأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة لكل مشروع، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو تحقيق توازن فعلي بين متطلبات الامتثال ومراعاة الواقع المالي للمشاريع المستهدفة.

وتُعد هذه المبادرة جزءاً من برنامج حكومي أوسع أُطلق تحت عنوان "تصفير البيروقراطية الحكومية"، والذي يستهدف تقليص الإجراءات وتحسين تجربة المتعاملين مع الجهات الاتحادية، بما يدعم كفاءة الأداء الحكومي ويُشجع على الاستثمار المحلي والأجنبي في آن واحد.

وأشارت الهيئة إلى أنها ستقوم بالتواصل المباشر مع أصحاب العمل الذين تنطبق عليهم شروط الإعفاء، دون الحاجة لتقديم أي طلبات أو مستندات إضافية من قبلهم، ما يضمن سهولة وسرعة تنفيذ القرار دون تعطيل.

وبالتزامن مع هذه المبادرة، أكدت الهيئة التزامها بالاستمرار في دعم أصحاب المشاريع الصغيرة من خلال تقديم مواد توعوية وإرشادية مبسطة تساعدهم على فهم التزاماتهم القانونية والامتثال لها، مما يضمن استمرارية الاستفادة من خدمات الهيئة دون الوقوع في المخالفات المستقبلية.

ويأتي هذا التوجه في وقت تُولي فيه الإمارات اهتماماً خاصاً برواد الأعمال والمشاريع الناشئة، وتُعزز منظومة الحوافز الموجهة لهم، إدراكاً لأهمية هذا القطاع في تحقيق التنويع الاقتصادي والحد من الاعتماد على الموارد التقليدية.

ويُذكر أن عدد المشاريع المستهدفة بهذه المبادرة يبلغ نحو 1906 مشروعاً خاصاً، وهو رقم يُمثل شريحة واسعة من النسيج الاقتصادي المحلي، ويؤكد على حجم التأثير الإيجابي المتوقع لهذه الخطوة على الساحة الاقتصادية.

ومن المتوقع أن تُسهم هذه المبادرة في تخفيف الضغوط التي تواجهها الشركات الصغيرة، لا سيما في فترات التقلب الاقتصادي، كما قد تدفع مزيداً من رواد الأعمال إلى دخول السوق بثقة أكبر في وجود بيئة تشريعية مرنة وداعمة.

كما يُعد هذا الإجراء رسالة واضحة من الحكومة تؤكد فيها التزامها بدعم قطاع الأعمال، ليس فقط من خلال التسهيلات المالية، وإنما أيضاً من خلال خلق منظومة تشريعية مرنة وشاملة تراعي خصوصيات كل قطاع وكل فئة من أصحاب المشاريع.

وختاماً، فإن هذه المبادرة لا تأتي بمعزل عن السياق العام لجهود الإمارات في ترسيخ نموذج اقتصادي متقدم، قائم على الابتكار والمرونة والاستدامة، ما يجعلها خطوة تُضاف إلى سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية المستمرة الهادفة إلى بناء مستقبل مزدهر وآمن لكل من يعيش ويستثمر على أرض الدولة.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار