في إطار سعيها المتواصل لتحويل المدينة المنورة إلى بيئة حضرية نموذجية وصديقة للإنسان، عززت أمانة المنطقة جهودها في تطوير منظومة اللوحات الإرشادية، باعتبارها أحد العناصر الرئيسية في مشاريع "أنسنة المدينة"، والتي تهدف إلى الارتقاء بجودة الحياة لسكان وزوار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
إن هذا التوجه لا يمثل مجرد مشروع تجميلي، بل هو جزء من فلسفة شاملة في التخطيط الحضري، تدرك أن المدن العظيمة لا تقاس فقط بحجم مبانيها واتساع طرقاتها، بل بقدرتها على توفير تجربة تنقل سهلة ومريحة، تضع الإنسان واحتياجاته في مقدمة أولوياتها.
وتلعب اللوحات الإرشادية دورًا مباشرًا وحيويًا في تحقيق هذا الهدف، فهي بمثابة البوصلة التي توجه السكان والزوار، وتوفر لهم معلومات واضحة تسهل من حركتهم، وتقلل من شعورهم بالضياع أو التوتر، وتعزز من جوانب السلامة العامة على الطرقات وممرات المشاة.
وتأتي هذه اللوحات ضمن حزمة متكاملة من المبادرات، التي تهدف إلى تطوير بيئة حضرية يشعر فيها الإنسان بالراحة والانتماء، حيث تساهم بشكل فعال في إبراز هوية المكان بطريقة حضارية، وتسهل على الجميع الوصول إلى المرافق والخدمات الحيوية بكل يسر وسهولة.
إن التحدي في مدينة فريدة مثل المدينة المنورة يكتسب بعدًا آخر، فهي تستقبل ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم، يتحدثون لغات متعددة، وينتمون إلى ثقافات مختلفة، مما يجعل من وجود منظومة إرشادية واضحة وموحدة وداعمة للغات المتعددة، ضرورة قصوى.
وتعمل أمانة المنطقة حاليًا على تطوير هذه المنظومة، من خلال تنفيذ لوحات تعريفية في مختلف أحياء المدينة ومرافقها، لا تقتصر فقط على توجيه المركبات، بل تمتد لتشمل إرشاد المشاة، وتحديد مواقع المعالم الهامة والمرافق الخدمية.
ويتم تنفيذ هذه اللوحات وفق مواصفات فنية عالية، تواكب أرقى المعايير العالمية في تصميم المشهد الحضري، حيث يتم مراعاة اختيار المواد والألوان والخطوط التي تنسجم مع الهوية البصرية للمدينة المنورة، وتضفي عليها طابعًا متكاملاً ومميزًا.
فاللوحة الإرشادية لم تعد مجرد أداة وظيفية، بل أصبحت جزءًا من هوية المدينة، وعنصرًا يساهم في تعزيز جمالياتها، وتقديم رسالة حضارية تعكس مدى العناية والاهتمام الذي توليه الجهات المعنية بأدق التفاصيل التي تخدم الإنسان.
إن هذه الجهود تنسجم بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، الذي يضع تحسين تجربة الزائر في قمة أولوياته، بالإضافة إلى برنامج جودة الحياة، الذي يهدف إلى جعل المدن السعودية ضمن أفضل المدن للعيش في العالم.
إن مدينة "مؤنسنة" هي مدينة يمكن للأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة التحرك فيها بأمان وسهولة، وهي مدينة تشجع على المشي وممارسة الرياضة، وتوفر مساحات عامة جاذبة، وتعد اللوحات الإرشادية الفعالة جزءًا لا يتجزأ من تحقيق هذه الرؤية.
ويشعر سكان وزوار المدينة المنورة بالفعل بالتغيير الذي تحدثه هذه المشاريع، حيث إن وجود لافتات واضحة عند كل تقاطع، ولوحات تعريفية للأحياء، وأدلة للمشاة، يساهم بشكل كبير في خلق تجربة مكانية أكثر راحة وإيجابية.
في المحصلة النهائية، لم تعد جهود الأمانة تقتصر على المهام التقليدية، بل انتقلت إلى مرحلة أكثر نضجًا وعمقًا، تركز على "أنسنة" الفراغ العام، وتؤمن بأن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، مثل لوحة إرشادية مصممة بعناية، هو ما يصنع الفارق في بناء مدن عظيمة.