سرقة كيابل المدارس
مدارس بلا كهرباء ... تجارة السكراب غير المنظمة تغذي سرقات المدارس!
كتب بواسطة: زكريا الحاج |

أثارت حادثة سرقة كيابل المدارس في العاصمة الرياض، التي تمكنت الجهات الأمنية مؤخرًا من كشفها وضبط المتورطين فيها، ردود فعل واسعة في الأوساط المجتمعية والرقابية، ليس فقط باعتبارها جريمة جنائية تمس الممتلكات العامة.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"

بل لما تمثله من مؤشر واضح على خلل قائم في تنظيم بعض الأنشطة التجارية، وعلى رأسها تجارة الخردة المعروفة بـ"السكراب"، والتي باتت ملاذًا مقلقًا لتصريف المسروقات بعيدًا عن أعين الرقابة.

ففي ظل تنامي هذه الظاهرة، أصبحت ملامح المشهد اليومي مألوفة في كثير من مناطق المملكة، حيث تجوب مركبات صغيرة يقودها غالبًا عمالة وافدة أحياء المدن والقرى والأطراف الصحراوية، وهي تجمع الحديد والنحاس والألمنيوم من مصادر غالبًا ما تكون مجهولة أو مشبوهة.

في أحيان كثيرة، تكون المواد التي يتم جمعها مسروقة من منشآت حكومية أو ممتلكات خاصة، وهو ما تؤكده تقارير أمنية عدة أشارت إلى ارتباط سرقات الكيابل والمعدات الكهربائية، وحتى أغطية الصرف الصحي، بنشاط تلك المحلات غير المنظمة.

ما يزيد من خطورة هذا الواقع، هو أن العديد من محلات السكراب باتت تتعامل مع هذه المواد دون التحقق من مصدرها أو مطالبة أصحابها بإثبات ملكيتهم لها.

في غياب هذا الإجراء الأساسي، تتحول هذه المحلات إلى قناة تصريف آمنة للمسروقات، الأمر الذي يشكل بيئة حاضنة للسرقة، ويشجع ضعاف النفوس على تكرار الجرائم ما دام هناك من يستقبل المسروق ويشتريه بلا مساءلة.

وفي هذا السياق، يرى مختصون أن هناك حاجة ملحة لإعادة تنظيم نشاط تجارة السكراب، بما يضمن الفصل بين الممارسات النظامية والأنشطة التي تتستر على جرائم سرقة الممتلكات.

فالتنظيم لا يعني الحد من النشاط، بل ضبطه وتحويله إلى قطاع تجاري منظم يخدم الاقتصاد الوطني، ويُسهم في تدوير النفايات الصناعية والمعدنية بطريقة آمنة ونظامية، دون أن يكون غطاءً للتجاوزات.

ولتحقيق ذلك، لابد من سن تشريعات حازمة تلزم جميع محلات السكراب بعدم استقبال أي مواد معدنية دون وجود وثائق تثبت ملكيتها، مع تسجيل بيانات البائعين وتوثيق العمليات التجارية.

كما ينبغي فرض عقوبات مشددة بحق المخالفين تصل إلى إغلاق المنشأة والسجن والغرامة، إضافة إلى تفعيل دور الرقابة الميدانية من قبل الجهات المختصة لمتابعة تطبيق الأنظمة.

وإلى جانب الإجراءات الرسمية، فإن التوعية المجتمعية تلعب دورًا موازيًا في تجفيف منابع هذا النشاط غير المشروع، من خلال تحفيز الأفراد والمؤسسات على الإبلاغ عن الممارسات المشبوهة، وتعزيز ثقافة الحفاظ على الممتلكات العامة.

فمثل هذه الجهود التكاملية بين الجهات الأمنية والتنظيمية والمجتمع، هي الضامن الوحيد لتحجيم ظاهرة سرقات المعادن، وتحويل تجارة الخردة إلى نشاط اقتصادي مشروع لا يتقاطع مع الجرائم، بل يُسهم في الحد منها ويعزز من أمن المجتمع واستقراره.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار