بدأت الأنظار في سماء الجزيرة العربية تتجه إلى الجنوب مع اقتراب طلوع نجم "سهيل"، الذي يُعد من أبرز الأحداث الفلكية المرتبطة بالتغيرات الموسمية في المنطقة.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
ومع ظهوره، تبدأ ملامح التحول التدريجي في المناخ بالظهور، ويتراجع لهيب الصيف تدريجيًا، معلنًا اقتراب موسم الخريف، وهو ما يجعل من ظهوره حدثًا بارزًا في الذاكرة الشعبية والعلمية على حد سواء.
المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أكد أن نجم سهيل لطالما ارتبط في الموروث العربي القديم ببشائر الخير والتغيرات الطبيعية التي ينتظرها الناس.
مشيرًا إلى أن القدماء كانوا يترقبون ظهوره في السماء كدلالة على بداية اعتدال الأجواء، وبدء رحلة الشمس نحو الجنوب بعد أن قضت فصل الصيف في أقصى الشمال.
وبحسب أبو زاهرة، فإن نجم سهيل، المعروف عالميًا باسم "كانوبس"، يحتل المرتبة الثانية كألمع نجم في السماء بعد "الشعرى اليمانية"، ويقع ضمن كوكبة "القاعدة الجنوبية"، على بُعد يقارب 313 سنة ضوئية من كوكب الأرض.
ويضيف أن ظهوره لا يرتبط بأي تأثير مباشر على حالة الطقس، إذ لا تملك النجوم -باستثناء الشمس- أي قدرة على تغيير المناخ، بل إن هذه النجوم، ومنها سهيل، تعتبر مجرد إشارات فلكية تُستدل بها على تحولات طبيعية تحدث بفعل دوران الأرض حول الشمس.
ويتابع أبو زاهرة موضحًا أن نجم سهيل لا يُرصد في جميع أنحاء العالم، بل يقتصر ظهوره على المناطق الواقعة جنوب دائرة عرض 33 درجة شمالًا، ما يشمل جنوب ووسط الجزيرة العربية، وأجزاء من شمال أفريقيا.
أما المناطق الواقعة شمال هذا الحد الجغرافي، مثل شمال المملكة ودول الشام، فلا يمكن لسكانها رؤية سهيل، إذ يبقى تحت الأفق طوال العام، ولا يظهر في سمائها مطلقًا.
ويُعد سهيل نجمًا بارزًا ليس فقط في الحسابات الفلكية، بل في ذاكرة الأجيال والأنظمة التقليدية للتقويم، خاصة في البيئات الصحراوية والزراعية.
فطلوع سهيل ارتبط في وجدان الناس ببداية موسم هجرة الطيور، ونهاية القيظ، وموعد زراعة محاصيل معينة مثل القمح والشعير، وهو ما جعله يحتل مكانة خاصة في الأمثال والأشعار، التي استوحت من ظهوره رمزية التغير والانتقال من شدة الصيف إلى لطف الخريف.
كما يُنظر إلى سهيل في بعض المجتمعات القروية كساعة موسمية تُستدل بها على مواعيد الحصاد، وهبوب الرياح، وتهيئة الأرض للزراعة.
ويظل النجم، على الرغم من تطور العلم والأدوات الحديثة، حاضرًا في الوجدان الجمعي، حيث لا يزال كثيرون يربطون بين طلوعه وبين الانفراج المناخي المرتقب بعد أشهر طويلة من الحر اللاهب.
ويشير المختصون إلى أن الاهتمام الشعبي بطلوع سهيل يعكس عمق العلاقة بين الإنسان والسماء، ويؤكد أن الموروث الفلكي لا يزال قائمًا جنبًا إلى جنب مع التفسير العلمي.
الذي يعيد صياغة تلك الظواهر ضمن إطارها الطبيعي المرتبط بحركة الأرض، دون إلغاء للدلالات الثقافية المتراكمة حولها.