أعلنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية كاوست بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا سان دييغو عن نجاح فريق بحثي مشترك في تطوير كبسولة ذكية متعددة الأجزاء تحمل بداخلها أدوية متنوعة يحتاجها المريض على مدار اليوم، في خطوة وصفت بالاختراق العلمي الذي قد يغير قواعد التعامل مع الأدوية اليومية.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
ويمثل هذا الابتكار نقلة نوعية في طرق إيصال العلاج، إذ يعتمد تصميم الكبسولة على آلية إطلاق مبرمجة للأدوية وفقًا لاحتياجات كل مريض، مما يسهل التزام المرضى بخططها العلاجية، خصوصًا أولئك الذين يتناولون أكثر من دواء يوميًا، وهو ما يرفع كفاءة العلاج ويحقق نتائج صحية أفضل في إطار رعاية شخصية أكثر ملاءمة.
وتتميز الكبسولة الحاصلة على براءة اختراع أمريكية باحتوائها على حواجز بوليمرية ذكية تفصل بين الأدوية داخلها، بحيث يتم إطلاق كل دواء وفق الجدول الزمني المناسب لاحتياجات المريض، كما تحتوي بعض أجزائها على خصائص ذاتية للاستجابة السريعة أو لتسكين الألم عند الحاجة.
ومن المتوقع أن يساهم هذا الابتكار في تقليل التداخلات الدوائية ويحد من مخاطر نسيان الجرعات أو تناولها بشكل زائد عن غير قصد، إذ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن نصف المرضى المصابين بأمراض مزمنة لا يلتزمون بتعليمات الأدوية مما يؤدي إلى مضاعفات صحية وتكاليف إضافية على الأنظمة الصحية.
وأكدت الدكتورة أمل عباس رئيسة الفريق البحثي في كاكست أن الكبسولة الجديدة تهدف إلى تبسيط إدارة الأدوية من خلال توصيل الجرعة الصحيحة في التوقيت المناسب، مشيرة إلى أن ذلك يعزز معدلات الالتزام الدوائي ويخفض الهدر الناتج عن سوء الاستخدام أو الأدوية غير المستهلكة.
وأوضحت أن هذا الابتكار سيغير نظرة المجتمع لعلاج الأمراض المزمنة وأمراض القلب ويعيد صياغة أسلوب التعامل مع تعدد الأدوية، مؤكدة أن التجارب السريرية الأولية على مرضى باركنسون أثبتت فعالية واعدة حيث ساعدت الكبسولة المرضى في الحصول على استجابة سريعة ومتوسطة للأدوية المنظمة لأعراض المرض.
ويرى القائمون على المشروع أن الكبسولة الذكية قد تشكل ثورة في مجال الطب الشخصي عبر جعل العلاجات أكثر ذكاءً وسهولة في الاستخدام، مما يسهم في تحسين نوعية حياة المرضى ويخفف من الأعباء النفسية والجسدية المرتبطة بتعقيد تناول الأدوية المتعددة.
كما يتوقع أن تساهم الكبسولة في خفض الأعباء المالية على أنظمة الرعاية الصحية، إذ تشير التقديرات إلى أن نسبة التكاليف الناتجة عن ضعف الالتزام الدوائي قد تنخفض بما يصل إلى 20%، إلى جانب تقليل التكاليف التشغيلية للمستشفيات بنسبة قد تصل إلى 8%.
ويأتي هذا الابتكار متوافقًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى تعزيز جودة الحياة وتبني حلول مبتكرة في القطاع الصحي، كما يتماشى مع التطلعات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار في المجالات الطبية والتقنية.
ويعمل الفريق البحثي حاليًا على استكمال الإجراءات التنظيمية المطلوبة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة من أجل الانتقال إلى مراحل متقدمة تشمل الاختبارات ما قبل السريرية والسريرية الدقيقة لضمان فعالية الكبسولة وسلامتها على المدى الطويل.
ويؤكد الباحثون أن إدخال هذه الكبسولة إلى الاستخدام العملي سيغير تجربة المرضى في تعاملهم مع الأدوية اليومية، حيث سيتمكنون من الاعتماد على كبسولة واحدة بدلًا من تناول عدة أدوية في أوقات مختلفة خلال اليوم.
ويأمل العلماء أن يسهم هذا الابتكار في زيادة ثقة المرضى بالعلاج ويعزز من التزامهم به مما يؤدي إلى نتائج علاجية أكثر نجاحًا ويقلل من الحاجة إلى زيارات إضافية للمستشفيات أو مراكز الرعاية الصحية.
كما أشار الفريق إلى أن هذا الاختراع يمثل مثالًا حيًا على أهمية التعاون الدولي في مجالات البحث والتطوير، حيث جمع بين خبرات علمية سعودية وأمريكية لتحقيق إنجاز عالمي له انعكاسات مباشرة على حياة الملايين من المرضى حول العالم.
ومن المنتظر أن يكون للكبسولة الذكية دور محوري في إعادة صياغة مستقبل العلاجات الدوائية وجعلها أكثر دقة وفعالية، لتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الابتكارات الطبية التي تخدم الإنسان وتلبي احتياجاته بأعلى مستويات الجودة