التلوث البيئي
"الالتزام البيئي" يكشف الكواليس.. بيانات سرية تكشف خريطة التلوث في أهم مدن المملكة
كتب بواسطة: عبدالرحمن الباشا |

أطلق المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي سلسلة من المبادرات الرامية إلى تعزيز نقاء الهواء في المملكة، حيث يضطلع بدور محوري في متابعة جودة الأجواء والحد من الملوثات التي قد تؤثر على الصحة العامة، وذلك ضمن استراتيجية شاملة لحماية البيئة وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"

وأكد الدكتور محمد الدغريري مدير البيانات البيئية بالمركز، أن المنظومة تعتمد على 240 محطة مراقبة موزعة في مواقع استراتيجية بمختلف المناطق، تعمل على مدار الساعة لمتابعة التغيرات في جودة الهواء، وهو ما يتيح رصدًا لحظيًا ودقيقًا لمستويات التلوث، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل فوري عند الحاجة.

وأوضح الدغريري أن هذه المحطات تركز على ستة عناصر أساسية وفق اللائحة التنفيذية لجودة الهواء، من أبرزها الجسيمات الدقيقة PM10 وPM2.5، إضافة إلى غازات ملوثة مثل أكاسيد النيتروجين، الأوزون، أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وهي عناصر تمثل الخطر الأكبر على الصحة العامة والبيئة إذا تجاوزت الحدود المسموح بها.

وأشار إلى أن هذه الجهود لا تقتصر على مراقبة المؤشرات البيئية فحسب، بل تمتد لتشمل ارتباطها المباشر بالاقتصاد والسياحة، حيث تسهم بيانات جودة الهواء في تحسين تجربة الزوار والسياح، خصوصًا في المناطق الدينية مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة، فضلًا عن المدن الكبرى مثل الرياض وجدة.

وأضاف أن مواسم الحج والعمرة تمثل تحديًا خاصًا لفرق الرصد البيئي نظرًا للأعداد الكبيرة من الزوار، ما يتطلب جاهزية تامة من محطات المراقبة، لضمان توفير أجواء صحية وآمنة للملايين من الحجاج والمعتمرين كل عام، بما يعكس التزام المملكة بمستوى عالمي من الخدمات البيئية.

ولفت إلى أن المحطات توزع كذلك في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، حيث ترتبط جودة الهواء بشكل مباشر بصحة السكان في المدن الكبرى، مبينًا أن توفير بيانات دقيقة يساعد في دعم السياسات الصحية والبيئية، ويعزز خطط التنمية المستدامة.

وأكد أن المركز لا يكتفي بعملية الرصد الداخلي، بل يعمل على نشر مؤشرات جودة الهواء بشكل يومي عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، ما يتيح للجمهور الاطلاع المستمر على مستوى التلوث في مناطقهم، واتخاذ قرارات مدروسة لتجنب المخاطر الصحية.

ويُعد مؤشر جودة الهواء أداة عملية تمكن الأفراد من تقييم الوضع البيئي من خلال ألوان ورموز سهلة الفهم، حيث تعكس المستويات المختلفة درجة الخطورة، ما يعزز الوعي المجتمعي بأهمية الالتزام بالسلوكيات الصديقة للبيئة.

كما بيّن الدغريري أن هذه الجهود تأتي متسقة مع التوجهات العالمية لمكافحة التغير المناخي والحد من الانبعاثات الضارة، حيث تمثل السعودية لاعبًا محوريًا في المبادرات الدولية المتعلقة بالاستدامة، وتسعى لقيادة المنطقة في مجال حماية البيئة.

وأكد أن الحفاظ على جودة الهواء يمثل أولوية وطنية لارتباطه الوثيق بصحة المواطنين وسلامة الأجيال القادمة، مشيرًا إلى أن الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لرصد التلوث هو استثمار في مستقبل أكثر نقاءً واستدامة.

وأوضح أن المركز يعمل بتكامل مع الجهات الحكومية الأخرى، بما في ذلك وزارات الصحة والطاقة والبلديات، لضمان معالجة شاملة للمشكلات البيئية، وابتكار حلول متقدمة للحد من الملوثات الصناعية والعوادم المرورية.

وأضاف أن الرصد الدقيق للهواء يسهم كذلك في دعم القرارات الاقتصادية، حيث يمكن للمستثمرين الاعتماد على البيانات البيئية لاتخاذ قرارات تتعلق بمواقع المشاريع، خاصة تلك التي تتطلب بيئة صحية لجذب العملاء والسكان.

وأشار إلى أن مبادرات التوعية التي يطلقها المركز تستهدف رفع ثقافة الأفراد والمؤسسات حول خطورة الملوثات، وتشجع على تبني أساليب حياة أكثر استدامة، مثل استخدام النقل العام، وزيادة المساحات الخضراء، والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.

واختتم بالتأكيد على أن نقاء الهواء في المملكة ليس مجرد هدف بيئي، بل هو قضية استراتيجية تمس مختلف أبعاد الحياة، من الصحة العامة إلى النمو الاقتصادي، ومن السياحة إلى جودة الحياة، وهو ما يجعل من التزام المملكة بهذا الملف نموذجًا يحتذى إقليميًا وعالميًا.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار