شدّد محمد عبدالله آل سليمان، أخصائي العلاج الطبيعي، على أهمية الاهتمام بالبيئة المنزلية المحيطة بكبار السن، من أجل تقليل معدلات السقوط والإصابات المرتبطة به، والتي تُعد من أبرز الأسباب المؤدية إلى الكسور والمضاعفات الصحية لديهم.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام
وجاء حديث آل سليمان ضمن مداخلة إذاعية عبر أثير "العربية إف إم"، حيث سلّط الضوء على أبرز التعديلات التي يمكن إجراؤها داخل المنازل لتحسين مستوى الأمان لكبار السن، خصوصًا في ظل تكرار حوادث السقوط داخل البيئة المنزلية.
وأوضح أن السقوط لا يُعتبر مجرد حادث عابر لدى كبار السن، بل غالبًا ما يؤدي إلى كسور عظمية حادة، خاصةً في منطقة الورك أو العمود الفقري، ما يفرض تحديات علاجية وتأهيلية كبيرة على المريض وأسرته.
وأشار إلى أن تأمين المنزل يبدأ من التفاصيل الصغيرة التي قد تُغفل عادة، مثل نوع الأرضيات، ومدى انزلاقها، ومدى توفر الإضاءة الجيدة في الممرات والمداخل، وهي عوامل تؤثر بشكل مباشر على احتمالية تعرّض المسن للسقوط.
وبيّن أن أحد أهم الأماكن التي تشهد معدلات عالية من السقوط هي دورات المياه، نظرًا لاحتوائها على أسطح مبللة وزلقة، ومع تكرار استخدامها من قبل كبار السن للوضوء أو الحاجة الطبيعية، تزداد نسبة الخطر فيها.
ودعا إلى ضرورة تجهيز دورات المياه بمقابض دعم قوية وثابتة على الجدران، وتوفير كراسي استحمام مضادة للانزلاق، إلى جانب استخدام الأرضيات المطاطية أو الفرش الخاصة التي تقلل من احتمالية الانزلاق عند البلل.
كما نوّه إلى أن غرف النوم ينبغي أن تخضع لتعديلات هندسية مدروسة، مثل تقليل ارتفاع السرير، وتثبيت مقابض قرب أماكن النهوض، مع ضمان أن تكون الأرضيات خالية من أي عوائق مثل السجاد غير المثبت أو الأسلاك الممتدة.
وأشار إلى أهمية تعديل الممرات داخل المنزل بحيث تكون واسعة، جيدة التهوية والإضاءة، وخالية من الأثاث الزائد أو الزوايا الحادة، مؤكدًا أن التبسيط في التصميم الداخلي يُساهم بشكل كبير في تقليل الحوادث المنزلية.
وأوصى بعدم الإكثار من استخدام السلالم داخل البيوت التي يسكنها كبار السن، وإن كانت موجودة، فيجب تركيب مقابض دعم على جانبي السلالم، مع تمييز أول وآخر درجة بلون مختلف لتقليل احتمالية الخطأ في التقدير البصري.
ولفت إلى أن الاستخدام المفرط للسجاد أو المفروشات الزلقة قد يكون سببًا مباشرًا في حوادث السقوط، موضحًا أن إزالة السجاد غير الضروري أو تثبيته بمادة مانعة للانزلاق يُعد من الإجراءات الوقائية الفعّالة.
وأضاف أن التقييم الوقائي للحركة يجب أن يكون جزءًا من روتين العناية بكبار السن، حيث يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي أو التأهيل تقييم بيئة المنزل وتحديد نقاط الخطر التي يمكن تعديلها بسهولة.
وشدد على أن التثقيف الصحي يلعب دورًا مهمًا في تقليل الحوادث، ليس فقط بتوعية كبار السن أنفسهم، بل أيضًا بتدريب أفراد العائلة أو مقدمي الرعاية على كيفية التعامل الصحيح في حال السقوط، وكيفية منعه من الأساس.
وأكد آل سليمان أن الوقاية لا تتعلق فقط بالبيئة، بل تشمل الجوانب الجسدية أيضًا، فالمشي المنتظم، والتمارين البسيطة لتقوية التوازن والعضلات، تُعد من الأمور المهمة التي تساعد كبار السن على الحفاظ على استقرارهم الحركي.
وأشار إلى أن تناول بعض الأدوية قد يؤثر على التوازن أو يسبب الدوار، ما يزيد من احتمالية السقوط، مؤكدًا على ضرورة مراجعة الطبيب المختص لتقييم الأدوية ومدى تأثيرها على سلامة المريض.
وبيّن أن الاهتمام بالنظر أمر لا يقل أهمية، حيث إن ضعف البصر قد يؤدي إلى إساءة تقدير المسافات أو عدم رؤية العوائق الصغيرة، وبالتالي ينبغي متابعة الحالة البصرية بشكل دوري.
وأضاف أن أحد العوامل التي يتم إغفالها أحيانًا هي الأحذية، مؤكدًا أن ارتداء أحذية مناسبة بمقاس جيد وأرضية مانعة للانزلاق يمكن أن يشكل فارقًا كبيرًا في منع السقوط داخل المنزل.
وأكد في ختام مداخلته أن التعديلات البسيطة في بيئة المسن لا تتطلب تكاليف كبيرة، لكنها تحتاج إلى وعي واهتمام من الأسرة، مشيرًا إلى أن السلامة تبدأ من التفاصيل التي قد يراها البعض بسيطة لكنها في الواقع حاسمة.
ودعا إلى أن يكون هناك توجّه مجتمعي نحو تهيئة منازل كبار السن بشكل أكثر أمانًا، بما يتوافق مع احتياجاتهم الجسدية والنفسية، ويُعزز من شعورهم بالاستقلالية والراحة في محيطهم الخاص دون تعرّض للمخاطر.