افتتح وكيل جامعة أم القرى للشؤون الأكاديمية الدكتور محمد الزهراني فعاليات ملتقى "الصحة النفسية في الأزمات والكوارث"، الذي نظمته كلية التربية ممثلة بقسم علم النفس، في إطار جهود الجامعة لتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الاستجابة النفسية المتوازنة أثناء المواقف الطارئة، وتطوير قدرات طلابها في مجالات الدعم النفسي الميداني.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
جاء الملتقى هذا العام تحت شعار "الوصول إلى خدمات الصحة النفسية في الأزمات والكوارث"، ليكون منصة علمية تجمع الأكاديميين والممارسين والخبراء لتبادل الخبرات حول التعامل النفسي السليم في الظروف الاستثنائية التي تشهدها المجتمعات، سواء كانت كوارث طبيعية أو إنسانية.
وأكد رئيس قسم علم النفس الدكتور نايف العصيمي أن الملتقى يسعى إلى بناء منظومة دعم نفسي متكاملة تدمج بين المعرفة النظرية والتطبيقات الميدانية، مشيرًا إلى أن الأزمات لا تختبر البنية التحتية فحسب، بل تكشف أيضًا عن جاهزية الأفراد نفسيًا للتعامل مع الخطر والضغط.
وأشار العصيمي إلى أن القسم يحرص على تطوير أدوات علمية حديثة تواكب تطورات علم النفس الإكلينيكي في العالم، وتساعد على تحسين التدخلات العلاجية أثناء الكوارث بما يتناسب مع خصوصية المجتمع السعودي وثقافته.
وتضمّن الملتقى جلسات حوارية مكثفة ناقشت مهارات التعامل مع الأزمات، بدءًا من التحليل النفسي للأحداث الطارئة وصولًا إلى طرق إدارة الانفعالات لدى العاملين في الميدان، وذلك بمشاركة نخبة من الأكاديميين والممارسين من مختلف المؤسسات الصحية والتعليمية.
كما تطرقت الجلسات إلى الثورة التكنولوجية في مجال الدعم النفسي، مستعرضة كيف يمكن للأدوات الرقمية والتطبيقات الذكية أن تساهم في إيصال الخدمات العلاجية والاستشارات النفسية عن بُعد، خصوصًا في المناطق المتضررة التي يصعب الوصول إليها ميدانيًا.
وشهدت إحدى الجلسات عرضًا لتجارب ميدانية من داخل المملكة وخارجها، قدّم خلالها مختصون دراسات حالة حول تعامل المجتمعات مع الصدمات الجماعية بعد الكوارث، ودور المتطوعين في تخفيف الأثر النفسي على الضحايا.
وتناول المشاركون كذلك أهمية التدريب المسبق على سيناريوهات الكوارث، بوصفه عنصرًا أساسيًا في تقوية المرونة النفسية للعاملين في القطاعات الأمنية والطبية والتعليمية، مؤكدين أن الوقاية النفسية لا تقل أهمية عن الاستجابة الفعلية وقت الحدث.
في الجانب التطبيقي، أُقيم معرض مصاحب ضمّ عددًا من الجهات المشاركة، من بينها جمعية كفى وجمعية البيضاء ومركز سريرة ومجمع إرادة للصحة النفسية، إلى جانب مستشفى شرق جدة وجمعية يسر وإدارة تعليم مكة المكرمة ممثلة في قسم التوجيه الطلابي.
واحتوى المعرض على أركان توعوية وملصقات علمية واستشارات مباشرة قدّمها أكاديميون وطلبة دراسات عليا، استعرضوا خلالها أحدث الأبحاث في مجال الدعم النفسي وقت الأزمات، وقدموا تجارب تفاعلية للزوار حول تقنيات التعامل مع القلق والخوف.
كما حظي الملتقى بإقبال واسع من الطلاب والمهتمين بعلم النفس، الذين تفاعلوا مع الجلسات والنقاشات، معتبرين أن مثل هذه الفعاليات تفتح الباب أمام جيل جديد من المختصين القادرين على العمل في الظروف الصعبة بكفاءة إنسانية ومهنية عالية.
ومن اللافت أن الملتقى ركّز على تعزيز التكامل بين المؤسسات الأكاديمية والجهات التنفيذية في القطاع الصحي، في خطوة تهدف إلى بناء نموذج وطني متكامل لإدارة الدعم النفسي وقت الكوارث.
كما ناقش المشاركون أهمية دمج الصحة النفسية في خطط الطوارئ الوطنية ضمن رؤية المملكة 2030، لما لذلك من أثر مباشر على استقرار الأفراد والمجتمعات، خاصة في ظل المتغيرات المناخية والاقتصادية المتسارعة.
وطرحت ورش العمل المصاحبة أفكارًا حول تطوير آليات الرصد المبكر للحالات النفسية الحرجة، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تتبع مؤشرات الاضطراب النفسي خلال فترات الأزمات الكبرى.
وفي سياق متصل، فعّلت جامعة أم القرى الشهر العالمي للصحة النفسية عبر برامج تثقيفية ومحاضرات توعوية في عدد من مقراتها، استهدفت الطلبة والموظفين وأفراد المجتمع المحلي في مكة المكرمة والمحافظات التابعة لها.
وشملت تلك الفعاليات عمادات عدة مثل عمادة شؤون الطلاب والكلية الجامعية بالجموم وكلية الطب بالقنفذة، بالإضافة إلى أقسام الطالبات في الزاهر، لتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية في دعم قضايا الصحة النفسية.
وأكدت الجامعة أن هذه الأنشطة تأتي ضمن التزامها بمسؤوليتها الاجتماعية وتفعيل دورها في خدمة المجتمع، من خلال نشر ثقافة الوقاية النفسية والتعامل الصحي مع الضغوط الحياتية اليومية.
واختُتم الملتقى بتوصيات تدعو إلى إدراج موضوعات الصحة النفسية في مناهج التعليم الجامعي، وتكثيف الأبحاث التطبيقية في مجال إدارة الأزمات النفسية، إلى جانب تعزيز الشراكات بين الجامعات والقطاعات الصحية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وعبّر المنظمون عن تطلعهم إلى تحويل هذا الملتقى إلى حدث سنوي دائم بجامعة أم القرى، يسهم في تخريج كوادر وطنية مؤهلة تسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا واستقرارًا نفسيًا في مواجهة الأزمات المستقبلية.