سياحة تايلاند
"هيئة الطيران" تخالف كل التوقعات..هذا هو السبب الخفي وراء تراجع سفر السعوديين إلى تايلاند
كتب بواسطة: حاتم الصهيب |

شهدت تايلاند مفاجأة غير متوقعة في العام 2025 بعدما كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة أن عدد الزوار السعوديين حتى السابع من سبتمبر لم يتجاوز 151 ألفًا و191 سائحًا، وهو رقم أقل بكثير من التوقعات التي صاحبت حملات الترويج المكثفة لهذا العام بوصفه عامًا استثنائيًا للسياحة والرياضة.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"

هذا التراجع أثار تساؤلات عديدة، خاصة أن تايلاند نجحت في عام 2024 بتحقيق قفزة تاريخية في قطاع السياحة، حيث سجلت عوائد بلغت 1.8 تريليون بات، أي ما يعادل نحو 185 مليار ريال سعودي، مستفيدة من استقطاب أكثر من 35 مليون سائح دولي.

ورغم تلك الطفرة، فإن العام الحالي عكس صورة مغايرة، إذ شهد تراجعًا بنسبة 7.11% في أعداد السياح الأجانب مقارنة بالعام الماضي، بعد أن استقبلت البلاد 22.39 مليون زائر فقط حتى سبتمبر، الأمر الذي أجبر الحكومة على تعديل توقعاتها إلى 33 مليون سائح بدلًا من 37 مليونًا.

وبالنسبة للسوق السعودي، فقد أظهرت الإحصاءات الرسمية مسارًا متباينًا، حيث بلغ عدد الزوار 177,863 في عام 2023، ثم قفز إلى 228,032 في عام 2024، قبل أن يتباطأ هذا العام بشكل ملحوظ رغم استمرار تشغيل الخطوط المباشرة بين الرياض وبانكوك واستمرار الحملات الترويجية.

ويُعزى هذا التباطؤ إلى عدة عوامل متداخلة، منها المنافسة الإقليمية القوية من وجهات سياحية آسيوية مثل ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة، التي تقدم عروضًا متنوعة وأسعارًا مغرية، فضلًا عن تأثر حركة السفر بالعوامل الموسمية المرتبطة بالطقس.

وأكد خبراء أن عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين السعودية وتايلاند في عام 2022 فتحت الباب أمام فرص واعدة لتعزيز التعاون السياحي، إلا أن الأرقام الراهنة تشير إلى أن تلك الإمكانات لم تُستثمر بعد بالشكل الأمثل.

وفي هذا السياق، أوضح أحمد عادل، مدير إدارة المبيعات العليا لمنطقة الشرق الأوسط في مجموعة "مينور العالمية"، أن السوق السعودي لا يزال يملك إمكانات ضخمة قد تتجاوز نصف مليون سائح سنويًا إذا ما جرى تصميم البرامج السياحية بما يتلاءم مع متطلبات العائلات السعودية.

وأشار عادل إلى أن المقارنة مع السوق الصيني تكشف فجوة كبيرة، حيث استقبلت تايلاند أكثر من ثلاثة ملايين سائح صيني في تسعة أشهر فقط، وهو ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها في جذب مزيد من السعوديين.

ويرى مراقبون أن السائح السعودي يولي اهتمامًا خاصًا بجودة الخدمات الفندقية وتنوع المرافق الترفيهية والتسوقية، وهو ما يتطلب من القطاع السياحي التايلاندي تطوير منتجات مخصصة لهذه الفئة.

كما أن السياحة العلاجية والتجميلية، التي تُعد إحدى أبرز نقاط قوة تايلاند، يمكن أن تكون عامل جذب إضافي للسعوديين إذا ما تم الترويج لها بشكل أكثر فاعلية عبر حملات موجهة.

وتطرح هذه المعطيات تساؤلًا حول جدوى الاستراتيجيات التسويقية التي تبنتها بانكوك خلال العامين الماضيين، إذ يبدو أن التركيز الأكبر كان منصبًا على الأسواق التقليدية مثل الصين وكوريا واليابان.

في المقابل، يطالب خبراء بتكثيف التعاون مع الشركات السعودية في مجالات السفر والسياحة، وتنظيم فعاليات مشتركة للتعريف بالوجهات التايلاندية التي قد لا تكون معروفة على نطاق واسع لدى السياح السعوديين.

ولا يمكن إغفال تأثير العوامل الاقتصادية، سواء على مستوى أسعار تذاكر الطيران أو تكاليف الإقامة، والتي قد تحدد إلى حد كبير خيارات السفر أمام الأسر السعودية ذات الإنفاق المرتفع نسبيًا.

ومن المتوقع أن تلعب المناسبات الرياضية والثقافية المقررة في تايلاند خلال العام المقبل دورًا محوريًا في استقطاب شرائح جديدة من السعوديين، خصوصًا فئة الشباب الباحث عن تجارب مختلفة.

كما أن تزايد الاهتمام السعودي بالوجهات الطبيعية مثل الجزر والشواطئ قد يشكل فرصة لتايلاند لتعزيز حضورها إذا ما قدمت عروضًا خاصة تلبي هذه الرغبات.

ويؤكد متابعون أن العلاقة السياحية بين البلدين لا تزال في بدايتها، وأن ما تحقق منذ 2022 يعد خطوة أولى تحتاج إلى دعم استراتيجي أوسع يشمل تطوير البنية التحتية والخدمات الموجهة خصيصًا للسائح الخليجي.

في ضوء ذلك، تبدو المرحلة المقبلة حاسمة لتحديد قدرة تايلاند على تحويل السوق السعودي إلى أحد أعمدتها السياحية، وهو ما يتطلب مزيجًا من التنافسية والتفرد في الطرح السياحي.

وتبقى التحديات ماثلة أمام صناع القرار في بانكوك، إذ أن تحقيق قفزة نوعية في أعداد السعوديين يحتاج إلى أكثر من مجرد تسيير رحلات مباشرة، بل إلى بناء تجربة متكاملة تعكس تطلعات المسافر السعودي وتنافس بقوة ما تعرضه الوجهات المجاورة.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار