يشهد قطاع التعدين في السعودية نمواً متسارعاً جعله في صدارة القطاعات الاقتصادية الواعدة، حيث سجل في الربع الثاني من عام 2025 معدل نمو بلغ 4.2% على أساس سنوي، وهو الأعلى منذ تسعة أرباع متتالية، ما يعكس حيوية القطاع وقدرته على الاستمرار في دعم الاقتصاد الوطني.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
وجاء هذا الأداء بدعم من أنشطة تعدينية وتحجيرية أخرى خارج نطاق النفط والغاز، والتي سجلت نمواً بنسبة 5.4% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما كانت قد حققت 4.7% في الربع الأول من العام، ما يؤكد استمرار الزخم الإيجابي.
كما أظهرت بيانات هيئة الإحصاء أن قطاع الزيت الخام والغاز الطبيعي، الذي يندرج ضمن قطاع التعدين، نما بنسبة 4.2% في الربع الثاني، وهو ما عزز من قوة المؤشرات الكلية للقطاع وساهم في رفع مساهمته بالناتج المحلي.
وتشمل أنشطة التعدين والتحجير الأخرى مجموعة واسعة من العمليات المتعلقة باستخراج المعادن والصخور الصناعية، ما يفتح آفاقاً متنوعة للاستثمار في مجالات بعيدة عن النفط، الأمر الذي يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد.
وفي ترتيب القطاعات الأسرع نمواً خلال الربع الثاني، جاء قطاع الكهرباء والغاز والماء في الصدارة بنسبة 10.3%، تلاه قطاع المال والتأمين وخدمات الأعمال بنسبة 7%، ثم تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنسبة 6.6%، فيما حل التعدين والتحجير في المراتب المتقدمة بأداء قوي.
وسجلت مساهمة أنشطة التعدين والتحجير الأخرى نحو 5.175 مليار ريال في الناتج المحلي خلال الربع الثاني من 2025، لتكون ثالث أعلى قيمة ربعية في تاريخ القطاع، مقارنة بـ 4.91 مليار ريال في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وأشارت بيانات الهيئة العامة للإحصاء إلى أن إنتاج قطاع التعدين واستغلال المحاجر ارتفع بنسبة 6.5% خلال يوليو الماضي على أساس سنوي، مما يعكس استمرار قوة الطلب وتوسع النشاط.
وتتمتع السعودية بثروات معدنية ضخمة تقدر قيمتها بأكثر من 9.4 تريليون ريال، تشمل معادن استراتيجية مثل الذهب والزنك واليورانيوم، إلى جانب معادن وصخور صناعية تمثل عناصر أساسية في الصناعات الحديثة.
وقد اكتسب القطاع زخماً لافتاً منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، التي وضعت التعدين كركيزة ثالثة للاقتصاد الوطني إلى جانب الصناعة والطاقة، بما يساهم في بناء اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة.
وتسعى المملكة إلى تطوير سلاسل القيمة المعدنية عبر تعزيز قدراتها الإنتاجية وتوسيع قاعدة صناعاتها التحويلية، بما يضمن تلبية الطلب المحلي والقدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
ولتحقيق ذلك، تعمل الجهات المختصة على تكثيف المسوح الجيولوجية لتحديد مكامن المعادن بدقة أكبر، وطرح الفرص الاستثمارية للشركات المحلية والعالمية، في إطار بيئة استثمارية جاذبة ومشجعة.
كما أن تطوير قطاع التعدين يسهم في دعم مكانة المملكة ضمن سلاسل الإمداد العالمية، خاصة مع امتلاكها مزايا تنافسية في الموقع الجغرافي والبنية التحتية، ما يجعلها مركزاً رئيسياً للتصدير والتوزيع.
ويأتي هذا التوجه ضمن جهود المملكة لتعزيز الاكتفاء الذاتي من المواد الخام الضرورية للصناعات المستقبلية، وفي الوقت نفسه توفير فرص عمل نوعية للمواطنين.
ويشكل الذهب واحداً من أبرز الموارد التعدينية التي يجري تطويرها، حيث تمتلك المملكة احتياطات كبيرة تسهم في تعزيز قيمة الصادرات غير النفطية.
إلى جانب ذلك، يشكل اليورانيوم والزنك وغيرهما من المعادن الإستراتيجية عنصراً محورياً في خطط المملكة لتعزيز الصناعات المرتبطة بالطاقة والتقنيات الحديثة.
كما تعكس الاستثمارات المتزايدة في القطاع ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في بيئة الأعمال السعودية، وفي استدامة الفرص المتاحة على المدى الطويل.
ومع استمرار المملكة في إطلاق المبادرات والمشاريع النوعية، من المتوقع أن يواصل القطاع تحقيق معدلات نمو قوية، بما يتناسب مع مكانة السعودية كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية صاعدة.
ويؤكد الأداء الحالي لقطاع التعدين أن السعودية ماضية في تحويل ثرواتها الطبيعية إلى رافعة أساسية للتنمية المستدامة، وفق رؤية شاملة تعزز من تنافسيتها العالمية.