في خطوة تعكس التكامل بين القطاع غير الربحي وقطاع النقل، وقّعت الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان "سدن" مذكرة تفاهم مع الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار"، وتهدف هذه المذكرة إلى توفير خدمات النقل بالقطار لمستفيدي الجمعية بما يسهم في تسهيل رحلاتهم العلاجية والتنقلية داخل المملكة.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
ويأتي هذا الاتفاق انطلاقًا من حرص الجمعية على إيجاد حلول عملية تخفف الأعباء عن المرضى وذويهم، من خلال توفير وسائل سفر أكثر راحة وأمانًا، خاصة أن كثيرًا من المستفيدين يضطرون للتنقل بشكل متكرر بين المدن لمراجعة المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة.
الاتفاقية لم تقتصر على مجرد تقديم تذاكر سفر، بل تضمنت ترتيبات شاملة تهدف إلى ضمان جودة الخدمة وتلبية احتياجات المستفيدين بدقة، وهو ما يعكس التزام الطرفين بتحويل تجربة التنقل إلى جزء ميسّر وداعم من رحلة العلاج.
من جهتها، أوضحت جمعية "سدن" أن هذه المبادرة تمثل امتدادًا لمساعيها المستمرة لتطوير برامج الدعم النفسي والاجتماعي واللوجستي للمرضى، حيث لم تعد المساندة تقتصر على العلاج المباشر، بل تتسع لتشمل كل ما يتعلق بجودة حياة المستفيد.
أما شركة "سار" فأكدت أن مشاركتها في هذه المبادرة تأتي ضمن رؤيتها لتوسيع نطاق خدماتها وربطها بمسؤوليتها الاجتماعية، إذ ترى في دعم الفئات الأكثر حاجة واجبًا وطنيًا يتكامل مع دورها الاقتصادي والتنموي.
هذا التعاون يعكس توجه المملكة نحو تعزيز الشراكات بين القطاعات المختلفة بما يخدم المجتمع، ويتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تركز على تمكين القطاع غير الربحي ورفع إسهامه في التنمية المستدامة.
كما يُنتظر أن يفتح هذا الاتفاق الباب أمام مبادرات مشابهة، سواء مع جمعيات صحية أخرى أو قطاعات خدمية، لتوسيع دائرة المستفيدين من خدمات النقل العام وربطها بالاحتياجات الإنسانية.
ولم يقتصر أثر المذكرة على الجانب اللوجستي فحسب، بل حملت أيضًا بعدًا إنسانيًا مهمًا، إذ تمنح المرضى شعورًا بالاهتمام والرعاية، وتعزز ثقتهم بأن المجتمع ومؤسساته يقفون إلى جانبهم في رحلتهم الصعبة.
التجربة التي سيحصل عليها المستفيدون لن تقتصر على مقعد في القطار، بل ستشمل توفير بيئة سفر تراعي احتياجاتهم الخاصة، بما في ذلك تسهيل إجراءات الحجز، وتقديم الدعم أثناء الرحلة، وضمان أعلى مستويات الراحة.
اللافت أن هذه المبادرة جاءت في وقت يشهد فيه قطاع النقل السعودي تطورًا كبيرًا، حيث أصبح القطار خيارًا متقدمًا ومناسبًا لكثير من الفئات، وهو ما يعزز من جدوى هذه الشراكة.
من جانب آخر، تمثل المذكرة اعترافًا متبادلًا بين الجانبين بأهمية التكامل، فالجمعية تقدم خدماتها الإنسانية، والشركة توفر بنيتها التحتية المتطورة، والنتيجة خدمة نوعية تصل مباشرة إلى المحتاجين.
ويُتوقع أن يسهم هذا التعاون في تخفيف التكاليف المالية على المستفيدين، إذ إن النقل بالقطار غالبًا ما يكون أقل كلفة وأكثر أمانًا مقارنة بوسائل أخرى، خاصة مع تزايد أسعار النقل الجوي والبري.
كما أن توسيع نطاق الاستفادة من شبكة السكك الحديدية سيسهم في دعم التوجه الوطني نحو تشجيع وسائل النقل المستدامة والصديقة للبيئة، وهو ما يضيف بعدًا استراتيجيًا للمبادرة.
الجمعية بدورها أكدت أنها ستواصل البحث عن شراكات جديدة تصب في مصلحة المرضى، سواء في مجالات النقل أو السكن أو الخدمات الصحية المساندة، في إطار نهجها الشامل لدعم المستفيدين.
وتعكس هذه الخطوة أيضًا توجهًا مؤسسيًا لدى "سار" في بناء علاقات تعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، وهو ما يرسخ صورتها كشركة وطنية ذات بعد اجتماعي إلى جانب دورها الاقتصادي.
المبادرة قد تكون بداية لتجربة نموذجية يمكن تعميمها على نطاق أوسع، لتصبح وسيلة لقياس نجاح الشراكات بين القطاع الخاص والقطاع غير الربحي في خدمة المواطنين.
المجتمع السعودي بدوره ينظر بإيجابية لهذه النوعية من المبادرات، التي تعكس قيم التكافل وتعزز روح المسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات الصحية والاجتماعية.
وفي النهاية، تمثل مذكرة التفاهم بين "سدن" و"سار" خطوة نوعية تحمل أبعادًا إنسانية وتنموية، وتؤكد أن الحلول المبتكرة قد تكون في أبسط صورها، لكنها ذات أثر بالغ على حياة الأفراد والمجتمع.