نشرت جريدة أم القرى الرسمية قرارًا جديدًا لمحافظ هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، يتضمن تعديلًا مهمًا على قواعد وشروط التحقق من إثبات المنشأ، في خطوة تعكس حرص المملكة على تسهيل الإجراءات الجمركية وتعزيز مرونة التعاملات التجارية بما يتماشى مع متطلبات التجارة العالمية.
إقرأ ايضاً:"طيران ناس" يرسم مستقبل السفر والإبداع في المملكة.. شراكة تكشف عن توجهات رؤية 2030 الجديدةباحثون يطلقون تحذيرًا صادمًا للنساء.. هذه "العادة الأسبوعية" قد تزيد خطر الإصابة بالسرطان
القرار الصادر برقم (1447-99-303) وتاريخ 12 ربيع الأول 1447هـ، جاء استنادًا إلى الصلاحيات النظامية الممنوحة للمحافظ، وبالنظر إلى ما تقتضيه مصلحة العمل وتطور بيئة التجارة الدولية، إضافة إلى ما ورد في قواعد المنشأ الوطنية التي أقرت في وقت سابق بموجب القرار الوزاري رقم (3852).
ويستند القرار أيضًا إلى المادة التاسعة والعشرين من قواعد المنشأ الوطنية، والتي تنص بوضوح على أن إصدار القواعد والشروط المتعلقة بالتحقق من إثبات المنشأ يتم بقرار من محافظ الهيئة، الأمر الذي يضع الإطار القانوني لهذا التعديل الجديد.
التعديل تمثل في إضافة الفقرة رقم (13) إلى القواعد، والتي تمنح مرونة أكبر للتجار والمستوردين عبر الاكتفاء بتقديم شهادة المنشأ وشهادة التوطين والفواتير الداعمة، دون الحاجة إلى استيفاء جميع الاشتراطات السابقة.
لكن هذه المرونة لا تعني التفريط في الضوابط، إذ اشترط القرار أن يكون ذلك بموجب اتفاق رسمي بين السلطات المختصة في الدول المعنية، لضمان وجود تنسيق وإشراف مشترك يحافظ على نزاهة الإجراءات.
كما أوضح القرار أن الجهة المختصة في دولة المنشأ تتحمل مسؤولية الاحتفاظ بكافة المستندات الداعمة لمدة زمنية محددة وفق ما نصت عليه قواعد المنشأ الوطنية، وهو ما يضمن وجود مرجعية يمكن العودة إليها في حال الحاجة إلى التحقق لاحقًا.
هذا التعديل يعكس رؤية المملكة في تيسير حركة السلع والبضائع عبر الحدود، مع الحفاظ على متطلبات الشفافية والدقة التي تضمن عدالة النظام الجمركي وفاعليته.
ويأتي القرار في وقت تشهد فيه التجارة العالمية تطورات متسارعة، ما يحتم على الأنظمة الوطنية أن تواكب هذه التغيرات عبر تحديث اللوائح والإجراءات بشكل مستمر.
من شأن هذه الإضافة أن تسهم في خفض الوقت والجهد المبذول في إنهاء الإجراءات الجمركية، خصوصًا للسلع ذات المنشأ المعروف والواضح، بما يعزز من كفاءة سلسلة التوريد.
كما ستساعد هذه الخطوة في تقليل التكاليف على الشركات، خصوصًا تلك التي تعمل في مجال الاستيراد والتصدير، مما قد ينعكس إيجابًا على أسعار السلع في السوق المحلي.
وتتسق هذه الإجراءات مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تؤكد على تحسين بيئة الأعمال وجعل المملكة مركزًا لوجستيًا عالميًا يعتمد على أنظمة عصرية ومرنة.
الجدير بالذكر أن هيئة الزكاة والضريبة والجمارك كانت قد أقرت قواعد وشروط التحقق من إثبات المنشأ لأول مرة بقرار إداري عام 1442هـ، في إطار تنظيم عملية تحديد أصول السلع وضمان مطابقتها للاتفاقيات التجارية.
وتبرز أهمية قواعد إثبات المنشأ في كونها أداة رئيسية لضبط الامتيازات الجمركية، ومنع أي محاولة للالتفاف على القوانين من خلال تمرير بضائع لا تستوفي الشروط المطلوبة.
من المتوقع أن تلقى هذه الخطوة ترحيبًا من مجتمع الأعمال المحلي والدولي، نظرًا لما تحمله من تبسيط للإجراءات دون الإخلال بجوهر الرقابة.
كما أن اعتماد النشر في جريدة أم القرى يضفي على القرار طابعًا رسميًا ونافذًا، حيث يبدأ العمل به فور نشره، وهو ما ينسجم مع الأنظمة الإدارية في المملكة.
هذا القرار يؤكد مرة أخرى التوجه الحكومي نحو تطوير المنظومة الجمركية بشكل يحقق التوازن بين تسهيل التجارة وحماية الاقتصاد الوطني من أي ممارسات غير عادلة.
وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية، فإن مثل هذه القرارات تمثل عنصرًا داعمًا لتعزيز تنافسية الاقتصاد السعودي، وجذب المزيد من الشراكات التجارية والاستثمارية.
بهذا التعديل الجديد، تواصل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك دورها المحوري في تعزيز كفاءة النظام الجمركي السعودي، بما يعكس مكانة المملكة كفاعل رئيسي في منظومة التجارة الإقليمية والدولية.