في ليلة مثيرة بالدوري السعودي، وجد المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي نفسه في مرمى الانتقادات الجماهيرية بعد تعادل الهلال المثير مع الأهلي بثلاثة أهداف لكل فريق، ورغم التقدم المريح بثلاثية نظيفة في الشوط الأول إلا أن الزعيم خرج بنقطة وحيدة أثارت موجة غضب عارمة بين أنصاره.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
جماهير الهلال عبرت عن استيائها من أسلوب إدارة المباراة، معتبرة أن إنزاغي لم يحسن التعامل مع مجريات الشوط الثاني، وأن الفريق بدا هشًا دفاعيًا رغم امتلاكه أفضلية واضحة طوال 45 دقيقة أولى.
وجاءت الأهداف الثلاثة للأهلي في غضون 13 دقيقة فقط، في سيناريو درامي أعاد للأذهان مباريات فقد فيها الهلال شخصيته المعتادة، ليطرح التساؤلات حول خيارات المدرب التكتيكية وتغييرات التوازن بين الدفاع والهجوم.
لكن الأرقام الرسمية لدوري روشن السعودي قدمت زاوية أخرى قد تنصف المدرب الإيطالي، حيث تكشف أن الهلال أكثر الفرق صناعة للفرص لكنه أيضًا أكثرها إهدارًا لها، ما يعكس خللًا أكبر في استثمار الهجمات أكثر من كونه مشكلة فنية في بناء اللعب.
فقد سجل الهلال 11 فرصة محققة ضائعة خلال ثلاث جولات فقط، وهو رقم قياسي يتساوى فيه مع الفتح، بينما يأتي خلفهما الاتحاد برصيد 7 فرص ضائعة، ثم الأهلي والنصر والتعاون بـ6 فرص لكل منهم.
الأمر ذاته ينعكس على معدل التسديد، إذ يحتل الهلال المركز الثاني بين الأندية الأكثر تسديدًا بواقع 50 تسديدة، متأخرًا فقط عن النصر الذي تصدر القائمة بـ69 تسديدة، ما يبرهن على فعالية المنظومة الهجومية في الوصول للمرمى.
كما يضع جدول المباريات ثقلاً إضافيًا على كفة إنزاغي، إذ واجه القادسية على أرضه ثم الأهلي في جدة، بينما لم يلتقِ أي فريق صاعد حديثًا كما فعلت بعض الأندية الأخرى، مما يصعب مهمة جمع النقاط في بداية المشوار.
وعند النظر إلى إحصائية الأهداف المتوقعة "XG"، فإن الهلال يتفوق بوضوح، حيث بلغ معدله 2.11 أمام الرياض مقابل 0.19، ثم 3.44 أمام القادسية مقابل 0.49، وأخيرًا 2.20 أمام الأهلي مقابل 1.64، وهو ما يكشف جودة الفرص التي يصنعها الفريق.
هذه المؤشرات تؤكد أن أزمة الهلال لا تكمن في ابتكار الحلول الهجومية بقدر ما تكمن في غياب التركيز والحسم عند إنهاء الهجمات، وهو ما يضع المسؤولية على عاتق اللاعبين قبل الجهاز الفني.
ورغم أن الشارع الرياضي يرى في التعادل الأخير إشارة ضعف، إلا أن لغة الأرقام تشير إلى أن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح على صعيد الأداء الهجومي، مع الحاجة فقط إلى صقل اللمسة الأخيرة.
تاريخ إنزاغي التدريبي يدعم استمراره، إذ غادر إنتر ميلان بعدما حصد لقب الدوري الإيطالي مرة وكأس إيطاليا مرتين وكأس السوبر ثلاث مرات، في حصيلة بلغت 141 انتصارًا خلال 217 مباراة.
انتقاله إلى الهلال كان خطوة لافتة، خصوصًا أنه بدأ مهمته مباشرة في كأس العالم للأندية 2025، وقاد الفريق إلى ربع النهائي قبل أن يخرج بشرف أمام فلومينينسي البرازيلي بعد مباراة متوازنة.
إنزاغي الذي يبلغ من العمر 49 عامًا، عرف دائمًا بقدرته على بناء منظومات هجومية قوية، لكنه يحتاج في تجربته الحالية إلى معالجة أخطاء التركيز الذهني والتعامل مع فترات الضغط العالي في المباريات الكبيرة.
الجماهير الهلالية بدورها تنظر إلى فريقها كمرشح دائم للبطولات، ولا تقبل بسهولة فقدان نقاط ثمينة، خصوصًا حينما تكون الأفضلية واضحة كما حدث في مواجهة الأهلي.
لكن ما بين غضب المشجعين ووقائع الإحصائيات، يظهر أن المدرب الإيطالي يمتلك ما يبرر خياراته، وأن النتائج قد تتغير بمجرد تحسن مردود اللاعبين في استغلال الفرص المتاحة.
المعادلة إذن ليست في الهجوم أو الدفاع وحدهما، بل في التوازن الذهني الذي يفتقده الهلال في اللحظات الحرجة، وهو التحدي الحقيقي أمام إنزاغي في المرحلة المقبلة.
وإذا ما تمكن من حل هذه المعضلة سريعًا، فإن الزعيم قادر على العودة بقوة إلى المنافسة على اللقب، مستندًا إلى جودة عناصره وخبرة مدربه الذي اعتاد التواجد على منصات التتويج.
المرحلة القادمة ستكون اختبارًا فاصلاً لإنزاغي أمام جماهير لا ترحم، لكنها في الوقت ذاته تعرف كيف تكافئ من يعيد فريقها إلى مسار الانتصارات والبطولات.