أكد وزير النقل والخدمات اللوجستية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني المهندس صالح بن ناصر الجاسر أن المملكة باتت لاعبًا رئيسيًا في صياغة مستقبل صناعة الطيران على المستوى العالمي.
إقرأ ايضاً:"الهلال" يكرّم "سالم الدوسري" بطريقة غير متوقعة بعد إنجازه الآسيوي الكبير!"دله الصحية" تشارك بتوقيعها في "معرض الصحة العالمي 2025"
من خلال مساهمتها الفعالة في أعمال المنظمة الدولية للطيران المدني "الإيكاو"، وقيادتها لعدد من اللجان والفرق الدولية والإقليمية التي ترسم السياسات وتحدد اتجاهات هذا القطاع الحيوي.
وفي لفتة داعمة، أعلن الجاسر عن تبرع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بمبلغ مليون دولار للمنظمة، دعمًا لبرنامجها الإستراتيجي "عدم ترك أي دولة خلف الركب"، الذي يهدف لمساعدة الدول النامية في تطبيق قواعد السلامة والأمن، بما يعزز التكامل العالمي ويضمن تطورًا متوازنًا في الطيران المدني.
وجاءت هذه التصريحات خلال ترؤس الوزير للوفد السعودي في افتتاح أعمال الجمعية العمومية الـ42 للمنظمة بمونتريال الكندية، بحضور رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عبدالعزيز الدعيج، حيث أكد أن المملكة تحتل مكانة متقدمة عالميًا في معايير السلامة والأمن، مستفيدة من البنية التحتية الحديثة والدعم الكبير من القيادة.
وأشار الوزير إلى أن السعودية بنت علاقة متينة مع "الإيكاو"، وساهمت في تطوير العديد من السياسات الدولية، وبرز حضور الكفاءات السعودية في اللجان الفنية كجزء أساسي من صناعة القرار، بما يعكس قدراتها البشرية المتنامية ومشاركتها الفعالة في مواجهة التحديات العالمية.
واستشهد الجاسر باستضافة المملكة لعدد من المؤتمرات الدولية البارزة، مثل مؤتمر مفاوضات النقل الجوي 2023 الذي شهد مشاركة 97 دولة وتوقيع أكثر من 500 اتفاقية، إضافة إلى القمة العالمية لتسهيلات النقل الجوي 2024، معتبرًا أن هذه الاستضافات تجسد حرص المملكة على قيادة الحوار الدولي في صناعة الطيران.
وأوضح أن برنامج الطيران ضمن الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية يُعد من أكثر البرامج طموحًا عالميًا، مستهدفًا نقل 330 مليون مسافر سنويًا بحلول 2030 وربط المملكة بـ250 وجهة، مع استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار لتطوير المطارات والناقلات الوطنية، بما في ذلك مشاريع كبرى مثل مطار الملك سلمان الدولي ومطار البحر الأحمر.
وبيّن أن القطاع محرك أساسي للنمو الاقتصادي، بإسهام يتجاوز 53 مليار دولار في الناتج المحلي وتوفير مليون فرصة عمل، إلى جانب خطط لتأهيل أكثر من 50 ألف متخصص في مجالات الطيران، وهو ما يعكس النظرة السعودية التي تربط بين بناء القدرات البشرية وتعزيز المكانة الدولية.
وأشار إلى أن المملكة دأبت منذ عام 2016 على دعم برنامج "عدم ترك أي دولة خلف الركب" عبر تقديم مليون دولار في كل دورة ثلاثية، إيمانًا منها بضرورة تحقيق العدالة في تطور صناعة الطيران، خاصة للدول النامية التي تواجه صعوبات في تطبيق المعايير العالمية.
ولفت إلى أن الأكاديمية السعودية للطيران المدني لعبت دورًا محوريًا في تدريب 1423 متخصصًا من 11 دولة في أمن الطيران، إلى جانب 254 آخرين من 16 دولة، فضلًا عن إعارة المملكة ستة خبراء للمنظمة للمساهمة المباشرة في صياغة السياسات.
وفي جانب الاستدامة، أكد الوزير التزام المملكة بهدف الوصول لصافي انبعاثات صفري بحلول 2050، عبر تحديث الأساطيل، وتطوير المطارات منخفضة الكربون، وتسريع استخدام وقود الطيران المستدام والأنواع منخفضة الكربون، مذكّرًا بأن المملكة كانت من أوائل الدول المنضمة لمخطط "كورسيا" لتعويض الكربون منذ عام 2016.
وأضاف أن برنامج الاستدامة البيئية للطيران السعودي أصبح مرجعًا إقليميًا، وأن مطار البحر الأحمر الدولي يمثل نموذجًا عالميًا بكونه أول مطار يعمل كليًا بالطاقة المتجددة ويوفر وقودًا مستدامًا للطائرات، كما شهد العام الماضي تجربة التاكسي الجوي الذاتي لدعم تنقل الحجاج، ما يعكس التقاء الابتكار مع خدمة الإنسان والبيئة.
وعلى المستوى الإقليمي، أشار الجاسر إلى أن المملكة تقود اليوم المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للطيران المدني، وترأس لجنة أمن الطيران فيها، كما استضافت منتدى أمن الطيران العربي 2024، واحتضنت المقر الرسمي للبرنامج التعاوني لأمن الطيران في الشرق الأوسط.
كما ساهمت السعودية بدور محوري في تأسيس المنظمة الإقليمية لمراقبة السلامة الجوية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقدمت دعمًا ماليًا بقيمة مليوني دولار لضمان استدامة أعمالها بين عامي 2024 و2026، في خطوة تؤكد مكانتها القيادية في المنطقة.
وأوضح الوزير أن هذه المبادرات ليست محصورة في نطاق محلي أو إقليمي، بل تتسق مع أهداف "الإيكاو" العالمية، وتضع المملكة في موقع الشريك الرئيس في صياغة مستقبل الطيران، بما يعزز من صورتها كداعم أساسي للتنمية المستدامة عالميًا.
وشدد على أن نجاح هذه الجهود يعود إلى رؤية المملكة 2030 التي جعلت من قطاع الطيران محورًا للتنويع الاقتصادي وجسرًا للتواصل الحضاري والاقتصادي مع العالم، مؤكدا أن الاستثمارات الجارية في البنية التحتية والمشاريع الكبرى ستعزز من مكانة المملكة كمركز عالمي للطيران.
كما أعاد الوزير التأكيد على مبدأ الشراكة بين الدول لتحقيق الازدهار المشترك، مشيرًا إلى أن المملكة تنظر إلى الطيران كأداة لتقريب الشعوب وتعزيز التعاون الدولي، وليس فقط كقطاع اقتصادي.
واختتم الجاسر كلمته بدعوة ممثلي الدول الأعضاء لحضور النسخة الرابعة من مؤتمر مستقبل الطيران بالرياض في أبريل 2026، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، مشددًا على أن هذا الحدث سيكون الأكبر في المنطقة والأكثر تأثيرًا في تحديد مسار صناعة الطيران عالميًا.
وتوقع أن يشكل المؤتمر منصة لصياغة حلول مبتكرة وتعزيز التعاون الدولي في هذا القطاع، ليكون انعكاسًا حيًا لدور المملكة القيادي والتنموي في دعم صناعة الطيران عالميًا.