شهدت أسواق الذهب العالمية حالة من الاستقرار اليوم الخميس، حيث بقيت الأسعار دون تغيرات تُذكر وسط حالة ترقب حذر من قبل المستثمرين الذين ينتظرون صدور بيانات اقتصادية أمريكية مؤثرة، ستحدد بدورها ملامح السياسة النقدية المقبلة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وسجّل المعدن الأصفر في التعاملات الفورية مستوى 3734.04 دولارًا للأوقية بحلول الساعة 0202 بتوقيت جرينتش، بينما ظلت العقود الآجلة الأمريكية لتسليم ديسمبر مستقرة عند 3765.20 دولارًا للأوقية، في إشارة إلى أن الأسواق لا تزال في حالة انتظار أكثر من كونها في حالة حركة نشطة.
ويأتي هذا الاستقرار بعد أسابيع من تقلبات حادة شهدها الذهب، متأثرًا بقرارات الفيدرالي الأمريكي المتعلقة بأسعار الفائدة، حيث يُنظر إلى الذهب تقليديًا كملاذ آمن في فترات عدم اليقين الاقتصادي أو توقعات التباطؤ.
المراقبون يشيرون إلى أن المستثمرين يركزون بشكل خاص على بيانات النمو والتضخم الأمريكية المرتقبة، لأنها ستوفر إشارات مباشرة حول ما إذا كان الفيدرالي سيواصل التشدد النقدي أو يتجه نحو التيسير تدريجيًا خلال الفترة المقبلة.
في المقابل، وضمن سوق المعادن النفيسة الأخرى، شهدت الفضة تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.2% لتستقر عند مستوى 43.83 دولارًا للأوقية، وهو ما يعكس ضغوطًا من حركة الدولار والعوائد الأمريكية.
أما البلاتين فقد تراجع بنسبة 0.1% ليصل إلى 1470.66 دولارًا للأوقية، في حين حقق البلاديوم مكاسب طفيفة بنسبة 0.1% مسجلًا 1210.96 دولارات للأوقية، وهو ارتفاع محدود لكنه يعكس توازنًا في قوى العرض والطلب.
الخبراء يربطون هذه التحركات الجزئية للمعادن بمدى حساسية السوق تجاه توقعات الفيدرالي، خاصة أن أي إشارة على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة قد تقلل من جاذبية الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب والفضة.
في المقابل، إذا جاءت البيانات الاقتصادية الأمريكية أضعف من المتوقع، فقد ينعكس ذلك بارتفاع ملموس في أسعار الذهب، إذ سيتعزز الاعتقاد بأن الفيدرالي سيخفف من سياسته النقدية تدريجيًا.
كما يرى بعض المحللين أن الأسواق العالمية قد تدخل مرحلة من التذبذب الحاد خلال الأيام المقبلة، ليس فقط بسبب بيانات الفيدرالي، بل أيضًا بفعل التوترات الجيوسياسية وتغيرات أسعار الطاقة التي تضيف طبقة أخرى من عدم اليقين.
المثير للاهتمام أن الذهب تمكن من الحفاظ على موقعه فوق مستويات 3700 دولار للأوقية، وهو ما يعتبره خبراء التحليل الفني دعمًا نفسيًا مهمًا للمستثمرين، ويعزز احتمالية عودة الزخم الشرائي إذا تراجعت الضغوط النقدية.
في الأسواق الآسيوية، لاحظ متابعون ميلًا من بعض المستثمرين للتمسك بالذهب رغم الاستقرار الحالي، باعتباره وسيلة تحوط ضد أي مفاجآت اقتصادية أو سياسية عالمية قد تطرأ فجأة.
أما في أوروبا، فقد ظهرت مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ النمو، وهو ما دفع بعض البنوك الاستثمارية للتأكيد على أن الذهب سيظل عنصرًا رئيسيًا في استراتيجيات التحوط لدى المستثمرين الأوروبيين خلال الفترة المقبلة.
ومع استمرار هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا حول الاتجاه المقبل للأسعار، حيث يربط الجميع أعينهم على البيانات الأمريكية، التي ستلعب دورًا محوريًا في رسم المسار قصير ومتوسط المدى لأسواق المعادن.
ورغم التباين الحالي بين المعادن، إلا أن المحللين يؤكدون أن السوق يعيش لحظة "انتظار وترقب"، حيث يفضّل معظم المستثمرين عدم اتخاذ مراكز كبرى حتى تتضح الرؤية بشكل أكبر.
تجدر الإشارة إلى أن حالة التوازن هذه ليست جديدة على أسواق الذهب، إذ كثيرًا ما تتسم هذه السوق بفترات استقرار قصيرة تتبعها تحركات قوية بمجرد صدور بيانات أو قرارات مركزية حاسمة.
ويرى بعض المحللين أن الذهب قد يكون في طريقه إلى مرحلة إعادة تقييم شاملة، خاصة إذا بدأت مؤشرات الاقتصاد الأمريكي في إرسال إشارات ضعف واضحة، مما سيعيد إلى الواجهة دوره التقليدي كملاذ آمن.
في المقابل، إذا فاجأت البيانات الأسواق بقوتها، فقد تتعرض أسعار الذهب لضغوط بيعية جديدة، خصوصًا مع ارتفاع عوائد السندات الأمريكية والدولار، وهو ما يقلل من جاذبية المعدن الأصفر.
إجمالًا، تظل أسعار الذهب في حالة هدوء نسبي اليوم، ولكن خلف هذا الاستقرار يخيم شعور عام بأن الأسواق تقف على أعتاب تحركات مرتقبة قد تكون حادة، مرتبطة بشكل مباشر بالقرارات الأمريكية القادمة.